مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
الحسين ابوهوش | ||||
الضباشي | ||||
الحسن سلمي | ||||
أبو يحيى | ||||
said26p | ||||
amjdtaza | ||||
abou aimrane0834 | ||||
oumalaeddine | ||||
sociologue | ||||
aqdazsne |
منع النسخ
الأنتروبولوجيا الثقافية
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الأنتروبولوجيا الثقافية
ا/تحديد المفاهيم «انثروبولوجيا – ثقافة»
1/ ماهية الأنثروبولوجيا.
1.1/ مفهوم الأنثروبولوجيا.
من الناحية الاشتقاقية نجد كلمة انثروبولوجيا Anthropologie تتركب من المصطلح الإغريقي Anthropos وتعني إنسان ومصطلح Logos وتعني علم، أي معناها اللفظي علم الإنسان، فالاستعمال الانجليزي للكلمة عام 1593م عنى بها علم الإنسان بالمفهوم الواسع. وهذا يتلاءم مع الاستعمال الحديث.
حيث كان دارسوا الأنثروبولوجيا الأوائل يركزون اهتمامهم في الماضي على المجتمعات والثقافات التي كانت تعرف باسم البدائية، كتلك التي تجدها عند الهنود الحمر الأمريكيين، وسكان أستراليا الأصليين، وشعوب جنوب المحيط الهادي. إلا أن الواقع اليوم أن الجانب الأكبر من هذه المجتمعات والثقافات قد اختفى، إما لأنها أبيدت كالعديد من قبائل الهنود الحمر الأمريكيين، وإما لأن الثقافات البدائية قد تعرضت لتغيرات جذرية بسبب اتصالها بالحضارة الحديثة من أجل هذا وسع الأنثروبولوجيون المحدثون دائرة دراساتهم الاجتماعية والثقافية بحيث تشمل – على سبيل المثال – الثقافات القروية المعاصرة في المكسيك، وأمريكا الجنوبية، وجنوب شرق آسيا، بل والمجتمعات الحضرية في أوروبا، آسيا، أفريقيا والأمريكيتين.
2.1/ أهم فروعها ومجالاتها.
تتضمن الفروع الرئيسية لعلم الإنسان ما يلي: علم الإنسان الطبيعي، وعلم الآثار، وعلم الإنسان اللغوي وعلم الإنسان الثقافي وعلم الإنسان الاجتماعي. وهي فروع كثيراً ما تتداخل وتتشابك. فمثلاً، يَدْرس علماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا الثقافية الكثير من الملامح الثقافية ذاتها. وبينما يركز علماء الآثار على دراسة الحضارات السابقة، فإن علماء علم الإنسان الثقافي ينشغلون أساساً بالحضارات المعاصرة. إضافة إلى خاصية أخرى، هي أن علم الإنسان التطبيقي يستلزم التطبيق العملي للمحاولات الأخرى.ومن أهم المجالات الرئيسية لعلم الإنسان:
علم الإنسان اللغوي يدرس أساليب استخدام اللغة وطرقها عند الشعوب ذات الثقافات المختلفة.
علم الآثار دراسة رواسب وبقايا الثقافات الماضية.
علم الإنسان الثقافي يتناول أصول، وتطور، ووظائف الثقافات الإنسانية.
علم الإنسان البيئي يهتم بكيفية توافق الناس مع بيئتهم والكيفية التي تؤثر بها البيئة في الثقافة.
علم الإنسان الاقتصادي يركز على الطرق التي تلجأ إليها الشعوب مختلفة الثقافات لإنتاج وتوزيع السلع.
علم الإنسان الوصفي الوصف العلمي لمختلف الجماعات الاجتماعية والثقافية.
علم الإنسان الطبيعي ويسمى أيضًا علم الإنسان الإحيائي أو الحيوي، وهو دراسة الخصائص الحيوية للكائنات البشرية.
علم الإنسان السياسي يهتم بطرق اتخاذ القرارات وحل الاختلافات داخل نسق سياسي معين.
علم الإنسان النفسي يدرس الكيفية التي تتدخل بها الثقافات المختلفة في تشكيل الشخصيات الفردية.
علم الإنسان الاجتماعي يبحث العلاقات الاجتماعية في داخل الجماعات الإنسانية.
3.1/ علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الأخرى.
على الرغم من أن الأنثروبولوجيا تعتبر عادة علما اجتماعيا تربطه علاقة أولية مع العلوم الأخرى كعلم الاجتماع وعلم النفس والجغرافيا والاقتصاد والسياسة فإنه مع ذلك ليس منعزلا بأي حال من الأحوال عن العلوم البيولوجية والدراسات الأدبية والفنية.
فالأنثروبولوجيا لم تكن اتصل إلى ما وصلت إليه من تطور إلا بعد أن حققت تلك العلوم درجة معينة من النضج والتقدم. فالأركيولوجي لكي يحدد العمر النسبي للثقافات المختلفة لابد له أن يستخدم مناهج دراسة الطبقات الجيولوجية دراسة علمية تمكنه من التعرف على العصر الجيولوجي الذي تنتمي إليه الحفريات كعظام الحيوانات أو بقايا المواد الثقافية الأخرى. كما ترتبط الأنثروبولوجيا البيولوجية ارتباطا وثيقا بعلم التشريح وعلم الأجنة وعلم الوراثة وغيرها من ميادين الدراسة الطبيعية.
كذلك لا يتمكن الأنثروبولوجي من فهم نظام التقويم الزمني عند الشعوب البدائية إلا من خلال الانتفاع ببعض المعلومات التي يقدها علم الفلك. كذلك تستخدم الأنثروبولوجيا الفيزياء والكيمياء على نطاق واسع في دراسة المصنوعات الخزفية التي ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ لتحديد تقنيات صناعتها وتحديد المواد الأصلية الداخلة في صنعها.
ويستخدم الأنثروبولوجي معلومات كل من عالم النبات والحيوان للوقوف على مدى انتفاع الشعوب البدائية بإمكانات وموارد البيئات التي يعيشون فيها أو لإعادة رسم صورة البيئة التي تمت فيها ثقافة إنسان ما قبل التاريخ.
هذا ونجد فروع الأنثروبولوجيا تتداخل وتتبادل مع علوم أخرى، فهي كما تستعين بتقنيات ونتائج هذه العلوم، تقدم لها في المقابل معطيات أساسية في تطوير مناهجها ونظرياتها.
فالأنثروبولوجيا تشترك وعلم النفس في دراسة سلوك الإنسان، إلا أن علماء النفس ظلوا لفترة طويلة من تاريخهم يقصرون اهتمامهم على مشكلات السلوك الفردي في المقام الأول، على حين كان الأنثروبولوجي يميل إلى وضع تصميمات جماعية على أسس ثقافية، وبالتالي لم تتوطد العلاقة بين العلمين إلا بعد أن وجه علماء الأنثروبولوجيا اهتماماتهم إلى موضوع العلاقة بين الفرد والثقافة.
أما عن علاقة الأنثروبولوجيا بعلم الاجتماع فيحددها التشابه بين المشكلات الأساسية في كل من العلمين، فمفهوم الثقافة أصبح يستخدم على نطاق واسع عند علماء الاجتماع، وفي المقابل تعد أحد أهم مباحث الأنثروبولوجيا.
2/ ماهية الثقافة.
1.2/ مفهوم الثقافة.
يتفق علماء الأنثروبولوجيا الثقافية على أن الثقافة هي موضوع علمهم، ولكنهم يختلفون في تعريفها، ولم يظهر هذا الاختلاف في العقود القليلة السابقة حيث في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان هناك شبه اتفاق على الأخذ بالتعريف الشهير الذي وضعه "تايلور Tylor" في كتابه «الثقافة البدائية» الذي يقول فيه: «الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعادات وغيرها من القدرات والعادات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع». وقد تبنى الأنثروبولوجيون هذا التعريف لعقود عدة إلى أن جاء التعريف الذي توصل إليه كل من "كروبر Kroeber" و"كلاك هون Kluckohn" من تفحصهما لما يزيد عن مائة تعريف من التعريفات التي قدمها الأنثروبولوجيون للثقافة ولم يجدا من بينها تعريفا مقبولا، إذ وجه القصير في الكثير منها يكمن في كون هذه التعريفات لا تميز بوضوح بين المفهوم والأشياء التي يشير إليها. ومن ذلك حدد الأمريكيان "كلاك هون" و"كروبر" تعريفا للثقافة حيث يقول "كلاك هون": «... نقصد بالثقافة جميع مخططات الحياة التي تكونت على مدى التاريخ، بما في ذلك المخططات الضمنية والصريحة، والعقلية واللاعقلية، وهي موجودة في أي وقت كموجهات لسلوك الناس عند الحاجة». وقد لقي هذا التعريف قبولا لدى علماء الأنثروبولوجيا الثقافية في أمريكا حيث انطلق من هذا التعريف كل من "بيلز Beals" و"هويجر Hoijer" في تعريفهما للثقافة بأنها: «تجريد مأخوذ من السلوك الإنساني الملاحظ حسيا ولكنها ليست هي ذلك السلوك»، ويقولان في كتاب صدر لهما عام 1953م «مدخل إلى الأنثروبولوجيا» أنه: «لا يستطيع الأنثروبولوجي أن يلاحظ الثقافة مباشرة» ويؤيد هذا التعريف عالم الأنثروبولوجيا الاجتماعية "راد كليف براون Radcliffe Brouon" بقوله: «لا تعبر الثقافة عن أي شيء واقعي محسوس وإنما عن تجريد، وغالبا ما يستخدم كتجريد غامض» ومن ذلك يتضح أن هذه التعريفات تصب اتجاهين: اتجاه واقعي يرى أن الثقافة هي كل يتكون من أشكال السلوك المكتسب الخاص بمجتمع أو بجماعة معينة من البشر. واتجاه تجريدي يرى الثقافة مجموعة أفكار يجردها العالم من ملاحظته للواقع المحسوس الذي يشتمل على أشكال السلوك المكتسب الخاص بمجتمع أو بجماعة معينة.
وقد ناقش الأنثروبولوجي "هوايت White" هذين الاتجاهين وانتهى إلى نظرية جديدة في تعريف الثقافة، القائلة بأن الثقافة هي الأمور المحسوسة التي تتمثل في الأشياء والأفعال والأفكار التي هي من صنع الإنسان، وعلى عالم الأنثروبولوجيا الثقافية أن يلاحظ تلك الأمور المحسوسة بصورة موضوعية وأن يطبق طرق البحث العلمي بغرض دراسة طبيعتها بدقة والوصول في النهاية إلى القوانين الخاضعة لها. وبهذه النظرية يتضح بأن "هوايت" يرفض الاتجاه التجريدي لكي يحافظ على استقلالية الأنثروبولوجيا عن علم النفس «في دراسة السلوك» ويأخذ بالاتجاه الواقعي.
2.2/ خصائص الثقافة.
مهما كانت هناك من جونب اختلاف بين الثقافات الإنسانية، إلا أن ثمة مظاهر عامة ومشتركة تتمثل في الخصائص العامة التي تميز الثقافة كموضوع علمي قابل للدراسة والتحليل، وتتمثل هذه الخصائص في:
1/ أنها مكتسبة: أي أنها لا تتكون من غريزة فطرية ولا تتناقل بيولوجيا عن طريق الوراثة، بل يكتسبها الفرد من مجتمعه عن طريق الخبرة الشخصية، وبالتالي فإن الإنسان يكتسب ثقافة المجتمع الذي يعش فيه منذ الصغر ولا تؤثر العوامل السلالية والفسيولوجية في عملية التنشئة الثقافية.
2/ أنها اجتماعية: أي أنها موضع مشاركة من جانب أفراد المجتمع الواحد وتصبح ملزمة من خلال الضغوط الاجتماعية «الإحساس يتماسك، الجماعة، وسائل الضبط الاجتماعي، تنظيم مسؤول عن الدفاع ضد القوى المعادية». وكون الثقافة اجتماعية، هذا يعني ارتباط مصيرها بمصير المجتمع الذي يتبناها.
3/ الثقافة إنسانية: إن الإنسان وحده دون سائر المخلوقات يختص بالثقافة، لأن الثقافة هي أفكار يخترعها العقل البشري وينفذها الإنسان بأعضائه وبغيرها من الأدوات والآلات التي يصنعها.
4/ الثقافة أفكار وأعمال: فكل عمل إنساني لا يمكن أن يتم ما لم تسبقه فكرة واردة التنفيذ، ولذلك لا تخرج العناصر المادية للثقافة عن كونها أفكار مجسدة في أعمال، كما أن هناك نظم ثقافية تحدد العلاقة بين الإنسان وعالم الأفكار المجردة، ومن أمثلة هذه النظم اللغة والدين والفن والقيم، وكون هذه النظم ذات طابع فكري تجريدي إلا أنها لا تخلوا من الأعمال.
5/ الثقافة كل ونسيج متداخل: تتكون الثقافة من عناصر وقطاعات متداخلة مما يجعل الأنثروبولوجي يفضل دراسة ثقافة مجتمع لا ينتمي إليه، وذلك لصعوبة تحقيق النظرة الكلية الموضوعية اللازمة لدراسة الثقافة إذا كان يدرس ثقافته. حيث يقوم الأنثروبولوجي بدراسة وصفية للعناصر والنظم الثقافية الخاصة بالمجتمع المدروس، ثم يحلل تداخل تلك العناصر والنظم ليتمكن من تحديد البنيان المتكامل لثقافة ذلك المجتمع، فمثلا في القرى العربية نجد أن الدين يتداخل ونظم العلاقات العائلية، وكذا في نظم الأكل والملبس والميراث وحتى النظام الاقتصادي.
6/ الثقافة توافقية: تتميز الثقافة بتغيرها حيث تتغير لكي تتوافق مع البيئة الجغرافية، والبيئة الاجتماعية والسيكولوجية، فكلما تغيرت ظروف الحياة عجزت الأشكال التقليدية عن توفير القدر اللازم من الإشباع، وكلما ظهرت حاجات جديدة استحدثت توافقات ثقافية جديدة لإشباعها.
7/ التكامل الثقافي: حيث عناصر كل ثقافة تميل إلى تشكيل كل متكامل ومتناسق، لكن التكامل الواقعي الخالص مسألة لا يمكن أن تتحقق لأن الأحداث التاريخية تحدث باستمرار تأثيرا مخلا إلى درجة ما، فالتكامل يحتاج إلى وقت. فحتى الآن مازالت التغيرات طارئة على عادات العمل والترفيه والدين نتيجة لاستخدام السياسات الخاصة غير المكتملة، وحتى إذا اكتملت أية ثقافة بمختلف جوانبها فالارتباط بينها وبين ثقافة أخرى مختلفة عنها يجعلها غير متكاملة.
3.2/ مستويات الثقافة.
يميز الأنثروبولوجي في دراسته ثقافات المجتمع بين مستويين من الثقافة: المستوى البدائي البسيط، والمستوى المتمدن المعقد. واليوم يعيش معظم الجنس البشري في المستوى الثقافي المتمدن، ولا يزال يوجد عدد قليل من البشر يعيشون في مستوى ثقافي بدائي في إفريقيا وآسيا وأستراليا. كما أنه توجد اختلافات فرعية في كل مستوى، فمثلا توجد مجتمعات متقدمة وأخرى نامية وثالثة مختلفة في المستوى المتمدن.
وتشكلت هذه المستويات بشكل تدريجي عبر المراحل التاريخية التي مر بها وجود الإنسان نفسه، حيث جاء جنس الإنسان الذي ينتمي إلى جميع البشر الحاليين إلى العالم منذ (35000) خمسة وثلاثون ألف سنة وبدأ يصنع ثقافته البسيطة على مر السنين، وكان همه الأول التكيف مع البيئة عن طريق توفير حاجاته الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس، وعاش فترة وهو يعتمد في قوته ووجوده على جمع والتقاط الطعام ثم عرف الصيد، وعاش آلاف السنين معتمدا في حياته على الصيد وجمع الثمار إلى أن اكتشف الرعي والزراعة منذ ثمانية آلاف سنة فقط، بمعنى أن أجدادنا المباشرين عاشوا ما يقرب عن (37000) سبعة وثلاثون ألف سنة دون زراعة ودون رعي، يعيشون في كفاح مرير مع الطبيعة لتوفير قوتهم وصنع أسلحتهم وبناء مساكنهم. وتغير الخال بعد اكتشاف الزراعة بالذات إذ توفرت له الإمكانيات لبناء المدن، وهنا ظهر مستوى ثقافي جديد يعرف باسم "المدنية Civilisation" كنتاج لتطور المستوى الثقافي الأول وهو البدائية الذي كان المحور الأساسي للدراسات الأنثروبولوجية.
ب/ الأنثروبولوجيا الثقافية
1/ ماهية الأنثروبولوجيا الثقافية.
1.1/ مفهوم الأنثروبولوجيا الثقافية.
تدر الأنثروبولوجيا الثقافية الثقافة أي أنها تتناول طريقة معيشة مجتمع ما، سواء أكان ذلك المجتمع بدائي أو متخلف أو نامي أو متقدم. والثقافة من صنع الإنسان وهي ظاهرة طبيعية تخضع لقوانين الطبيعة مثل قانون التطور وقانون البقاء للأصلح ولذلك يدرسها هذا الفرع بمناهج علمية لا تختلف عن المناهج التي تستخدمها العلوم الطبيعية.
وقد كان لاكتشاف مفهوم الثقافة من طرف "تايلور Tylor" أكبر الأثر في تنظيم موضوعات هذا العلم في إطار واحد، فهو المركز الذي ينتظم حوله معظم الظواهر التي ترتبط عن قريب أو بعيد بالإنسان، وبالتالي فالأنثروبولوجيا الثقافية ترمي إلى فهم طبيعة ظاهرة الثقافة وتحديد عناصرها سواء في المجتمعات الحالية أو المجتمعات القديمة، فهي تبحث في التغير الثقافي وعمليات الاقتراض والامتزاج والصراع بين الثقافات، وتحديد نتائج تلك الاتصالات الثقافية، كما تدرس خصائص الأشكال المتشابهة من الثقافات أي الأنماط الثقافية التي تحدث بصورة مستقلة في الأماكن والعصور المختلفة.
وتكون دراسة الأنثروبولوجيا الثقافية ذات جانبين: الجانب الأول هو الدراسة المتزامنة أو في زمن واحد «أي دراسة المجتمعات والثقافات في نقطة زمنية من تاريخها. الجانب الآخر هو الدراسة التتبعية أو التاريخية وهو دراسة المجتمعات والثقافات عبر التاريخ. ومن الواضح أن علم الآثار يكرس نفسه للدراسات التتبعية، حيث يركز في الأساس على المجتمعات والثقافات القديمة، وكذلك على المراحل الغابرة من الحضارات الحديثة، وهو يحاول إعادة رسم صورة الأشكال الثقافية الماضية، وتتبع أثرها وتطورها عبر الزمان.
2.1/ فروع الأنثروبولوجيا الثقافية.
*الاثنولوجيا Ethnologie:
يختص بدراسة ثقافة المجتمعات الموجودة وقت الدراسة وكذلك الثقافات التي انقرضت بشرط توافر تسجيلات مكتوبة لشهود عاشوا في تلك الثقافات. ويدرس الأثنولوجي كل ثقافة المجتمع أو المجتمعات التي يبحثها، ولذلك يبحث النظم السياسية والاقتصادية والدين والتقاليد والفنون الشعبية وفروع المعرفة والفنون الصناعية وكذلك المثل العليا والفلسفات. وقد اتفق معظم العلماء على إطلاق اصطلاح «اثنوقرافيا» على الدراسة التي تقتصر على وصف ثقافة مجتمع ما، ويطلق اصطلاح «اثنولوجيا» على الدراسات التي تجمع بين الوصف والمقارنة فالأثنولوجي يهتم بالمقارنة بين الثقافات التي يصفها الأثنوقرافي، ويهدف الأثنولوجي من تلك المقارنات الوصول إلى قوانين عامة للعادات الإنسانية ولظاهرة التغير الثقافي وآثار الاتصال بين مجموعات أو أشكال على أساس مقاييس معينة.
*علم الآثار Archéologie:
يدرس ماضي الإنسان، ويرمي إلى تحديد وتتابع التغير الثقافي على مر العصور، ويهدف كذلك إلى إعادة بناء «عملية تصورية» الحياة الاجتماعية لمجتمعات ما قبل التاريخ. ويوجد اختلاف جوهري بين علماء الآثار وعلماء التاريخ، فبينما يدرس علماء التاريخ الفترات المسجلة كتابة للمدنيات الكبرى في الشرق الأوسط وأوروبا والشرق الأقصى، يهتم علماء الآثار بالفترات والمراحل التاريخية الطويلة التي قضاها الإنسان قبل اكتشاف القراءة والكتابة. ويعتمد عالم الآثار في دراساته على البقايا التي خلفها الإنسان والتي تمثل ثقافاته. وقد توصل العلماء إلى أساليب دقيقة لحفر طبقات الأرض التي يحتمل وجود بقايا حضارية بها، وتوصلوا كذلك إلى مناهج دقيقة لفحص تلك البقايا وتسجيلها وتحديد المواقع التي توجد فيها وتصنيفها للتعرف عليها ومقارنتها ببعضها، ويستطيع علماء الآثار عن طريق تلك المناهج استنتاج الكثير من المعلومات عن الثقافات القديمة وتغيراتها واتصالاتها بغيرها. ويتعاون علماء الآثار في أبحاثهم مع المؤرخين والأنثروبولوجيين باختلاف تخصصاتهم، فمثلا يمدهم الأثنوقرافيون والمؤرخون بالمعلومات الخاصة بالثقافات التي جاءت بعد أو نمت عن حضارات ما قبل التاريخ. كما أنهم يستفيدون من أبحاث ودراسات علماء الجيولوجيا وعلماء النبات والحيوان والمناخ في تأريخ وتحقيق هوية البقايا التي يكتشفونها. وكثيرا ما يستخدمون التجارب المعملية لاكتشاف خصائص ومناخ لبقايا «الأركيولوجية»، ولذلك يحتاج عالم الآثار إلى معرفة واعية بالكيمياء والطبيعيات والمهارات الدقيقة. وقد نجح العلماء المحدثون في اختراع وسيلة جديدة لتحديد عمر البقايا بدقة وهي طريقة «الكربون المشع» وتعرف باسم «C14»، وكثيرا ما يتعاون علماء الآثار مع غيرهم من العلماء المتخصصين في انثروبولوجيا الطبيعة وذلك لكثرة تواجد الحفريات الإنسانية مع البقايا الثقافية، وتوضع البقايا التي يكتشفها علماء الآثار في متاحف خاصة بذلك، ومن أمثلة تلك البقايا الأدوات الحجرية للإنسان القديم وكذلك قطع صغيرة من الأواني الفخارية، وحراب وأقواس وسهام قديمة للغاية. وتوجد بعض الأقسام - في الجامعات الكبيرة المتقدمة - المتخصصة في علم الآثار وتدرس مبادئ العلم لطلبة أقسام الأنثروبولوجيا بكليات العلوم الاجتماعية، على أن يتخصص الطالب في الدراسات العليا في علم الآثار.
*علم اللغويات Linguistiques:
يستخدم المنهج العلمي في دراسة اللغات، ويعتبر أحد فروع الأنثروبولوجيا الثقافية لأن اللغة أحد عناصر الثقافة بل هي أهم تلك العناصر. وينقسم علم اللغويات إلى أقسام فرعية أهمها علم اللغويات الوصفي، وعلم أصوات اللغات. ويهتم علم اللغويات الوصفي بتحليل اللغات في زمن محدد ويدرس النظم الصوتية وقواعد اللغة والمفردات، ويعتمد عالم اللغة في دراساته على اللغة الكلامية ولذلك يستمع إلى المواطنين وخاصة أن معظم دراساته تكون متعلقة بلغات كلامية لم تكتب بعد، فيقوم عالم اللغة بكتابة تلك اللغات عن طريق استخدام رموز دولية متعارف عليها. تتركز معظم تلك الدراسات في المجتمعات البدائية التي لم تعرف القراءة والكتابة ولكنها ذات لغة كلامية إذ لا يوجد مجتمع إنساني مهما تخلفت ثقافته دون لغة كلامية.
أما علم أصول اللغات فيختص بالجانب التاريخي والمقارن حيث يدرس العلاقات التاريخية بين اللغات التي يمكن متابعة تاريخها عن طريق وثائق مكتوبة، وتتعقد المشكلة بالنسبة للغات القديمة التي لم تترك وثائق مكتوبة، وتوجد وسائل خاصة لبحث تاريخ تلك اللغات، يهدف هذا القسم إلى تحديد أصول اللغات الإنسانية.
توجد علاقات تعاونية بين عالم اللغة والأنثروبولوجي الثقافي، وذلك لأن على الأثنولوجي والأنثروبولوجي الاجتماعي أن يدرس لغة المجتمع الذي يبحثه ولا يتم ذلك إلا عن طريق دراسة مبادئ علم اللغويات، ولكن من الناحية الواقعية نلاحظ أن علم اللغويات له أقسام مستقلة في الجامعات، والسبب في ذلك إمكان دراسة اللغة وتحليل عناصرها بصورة مستقلة عن بقية عناصر الثقافة ويقوم المتخصصون في تلك الأقسام بتدريس مادة اللغويات وفروعها لطلبة أقسام الأنثروبولوجيا. وقد تقدم علم اللغويات في العصر الحاضر ويستخدم الآن مناهج وآلات دقيقة في دراسة لغات العالم ولذلك توصل إلى قوانين عامة دقيقة لا تقل في دقتها عن قوانين العلوم الطبيعية.
3.1/ علاقة الأنثروبولوجيا الثقافية بالأنثروبولوجيا الاجتماعية.
يختلف الأنثروبولوجيون فيما بينهم حول وضع الحدود الفاصلة بين الأنثروبولوجيا الاجتماعية والأنثروبولوجيا الاجتماعية. فلا يمكن تحديد الفروق الأساسية بين الأنثروبولوجيا الثقافية التي تختص بموضوع الثقافة والأنثروبولوجيا الاجتماعية التي تختص بالبناء الاجتماعي الذي هو أحد القطاعات الكبرى للثقافة، وذلك لوجود اختلافات في المراحل التكوينية التي مر بها كل علم.
لذلك تذهب المدرسة الإنجليزية إلى ضرورة الفصل بين الأنثروبولوجيتين على أساس أن كل فرع مهما مستقل بذاته، أما المدرسة الأمريكية فترى أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية فرع من فروع الأنثروبولوجيا الثقافية. فقد استخدم مصطلح الأنثروبولوجيا الاجتماعية في انجلترا لأول مرة عندما أطلق على أول كرسي جامعي لهذا العلم، ولقد شغله "فريزر Fraiser"، ولقد اختير هذا المصطلح للتمييز بينه وبين الأنثروبولوجيا الطبيعية الذي كان يطلق عليه تجاوزا مصطلح «الأنثروبولوجيا»
اتضح مفهوم هذا العلم بوضوح عندما شغل ذلك الكرسي العالم "راد كليف براون Radcliffe Brown" الذي حدد موضوعه على الأنثروبولوجيا الاجتماعية من موضوع الأنثروبولوجيا الثقافية عندما قرر "دور كايم Durh Keim" ضرورة دراسة الظواهر الاجتماعية على أنها «أشياء»، ترتب على ذلك إعلان كل من العلامة الفرنسي "موس Mauss" والإنجليزي "مالينوسكي" أن «الأشياء» التي من صنع الإنسان هي أيضا ظواهر اجتماعية وتدخل في نطاق علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الاجتماعية، يرى العالم "ليفي ستراوس" أن هذا الإدماج للأشياء في نطاق الأنثروبولوجيا الاجتماعية ساعد على اقترابه التام من الأنثروبولوجيا الثقافية ويقول ما نصه: «وهكذا يمكن لنا أن نقول أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية والأنثروبولوجيا الثقافية أصبحتا تدرسان نقس الموضوعات، ولكن يوجد اختلاف بسيط وهو أن الأنثروبولوجيا الثقافية تبدأ بدراسة الأشياء المادية والفنون العملية وتنتقل منها إلى دراسة النشاط الاجتماعي والسياسي، بينما تبدأ الأنثروبولوجيا الاجتماعية بدراسة الحياة الاجتماعية والانتقال بعد ذلك إلى دراسة الأشياء التي هي من نتاج العلاقات الاجتماعية وعن طريقها تعبر الحياة الاجتماعية عن نفسها. ويمكن تشبيه هذين العلمين بكتابين يحتويان على فصول متشابهة، ولكن يختلفان في ترتيب تلك الفصول وفي عدد الصفحات».
ومع ذلك فهو يعترف بوجود اختلافات أخرى يسميها بالطفيفة، ففيما يتعلق بالأنثروبولوجيا الاجتماعية نجد أنها من اكتشاف أن جوانب الحياة الاجتماعية من اقتصادية وفنية وسياسية وقانونية وجمالية ودينية تكون في الحقيقة مركبا متميزا لا يمكن فهم أي جانب منه إلا بالرجوع إلى باقي جوانب ذلك المركب لمعرفة التداخل الوظيفي بينهما، ونمى من مفهوم الوظيفة الاجتماعية مفهوم جديد وهو البناء الاجتماعي وهو مصطلح علمي للمركب سابق الذكر، وأصبح البناء الاجتماعي هو موضوع الأنثروبولوجيا الاجتماعية وساد الاتجاه الإستاتيكي في دراسات هذا العلم، ورغم أن الأنثروبولوجيا الثقافية قد توصلت لذلك الفهم الكلي للثقافة كمركب متداخل العناصر والجوانب إلا أنها اتبعت في ذلك الاتجاه الدينامي وخاصة في عملية انتقال التراث الثقافي من جيل إلى جيل، وعن طريق ذلك الاتجاه الدينامي وضحت الثقافة ككل متداخل وليس كعناصر متفرقة، وينتهي "ليفي ستراوس" من هذه المناقشة إلى استنتاج أن الفرق بين العلمين هو في أسلوب الدراسة وليس موضوع الدراسة لأن الموضوع واحد تقريبا فلا يوجد مجتمع إنساني دون ثقافة، ولا يمكن أن توجد ثقافة حية دون مجتمع.
2/ نشأة الأنثروبولوجيا الثقافية.
موضوع دراسة الأنثروبولوجيا الثقافية هو الثقافة، ولذلك ارتبطت نشأة هذا الفرع للأنثروبولوجيا بظهور أول مفهوم واضح لاصطلاح الثقافة، وقد تم ذلك لأول مرة على يد "تيلور Tylor" في عام 1871م حين قال: «الثقافة ... هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادات، وأي قدرات وعادات أخرى يكتسبها الإنسان بصفته عضو في المجتمع» وقد ساد هذا التعريف عند كل رواد هذا الفرع في القرن التاسع عشر، بل أن العلامة الأمريكي "لوي Lowie" الذي يعد مؤسس الأنثروبولوجيا الثقافية في أمريكا – قد بدأ كتابه الشهير «المجتمع البدائي 1920» بنقل تعريف "تايلور" للثقافة ووصفه «بالتعريف الشهير»، ومن الرواد الآخرين لهذا الفرع في أمريكا كل من "مورجان Morgan" و "باندليير Bandlier" و "كاشينج Cushing" و"دورسي Dorsey" و "فليتشر Fletcher"، أما في انجلترا فبالإضافة لإلى العالم "تايلور" نجد العلماء "مين Maine" و"ماكلينان Mclennan" و"بت رفز Pitt Rivers" و"لبوك Lubbock" و"روبرتسن سميث Robertson Smith" و"فريزر Frazer"، ومن العلماء الألمان العالم "باخوفين Bachofen"، وكان لظهور العالم الأمريكي "فران بواز Franz Boas" «1858-1943م» أكبر الأثر في الأنثروبولوجيا إلى وجهة جديدة تختلف عن المدرسة التطورية، ويرجع إليه الفضل في نشر الأنثروبولوجيا الثقافية في أمريكا بحيث أصبح معظم المتخصصين في هذا الفرع من الأمريكيين، ومن الممكن تسمية الاتجاه الجديد «بالمدرسة التاريخية» ويتمثل في موضوعين:
الأول: الاهتمام بالدراسات التفصيلية لثقافات فردية صغيرة مثل ثقافات العشائر والقبائل، وتتم دراسة العشيرة أو القبيلة في إطار منطقتها الإقليمية الثقافية، وترمي تلك الدراسة إلى إعادة بناء وتصور تاريخ ثقافة تلك العشيرة أو القبيلة في الماضي.
الثاني: المقارنة بين تواريخ مجموعة القبائل التي درست لتحقيق الغرض النهائي للأنثروبولوجيا الثقافية كما يحدده العالم "بواز"، وهو الوصول إلى قوانين عامة لنمو الثقافات، وكانت القوانين التي توصل إليها "بواز" عن طريق منهجه هذا ذات طابع نفسي.
1.2/ الفترة التكوينية للأنثروبولوجيا الثقافية «1900-1915م».
تركزت في تلك الفترة مجهودات وأعمال تلاميذ العالم "بواز" في القسم الأول من اتجاهه أو نظريته وهي الدراسات التفصيلية لمجتمعات صغيرة لتحديد عناصر وتاريخ وتطور ثقافاتها، ونتج عن ذلك دراسات ميدانية كثيرة متعلقة بالقبائل الهندية في أمريكا، وكانت تلك القبائل في طريقها للانقراض مما أدى إلى تلهف علماء الأنثروبولوجيا على تسجيل ثقافاتها. وجاءت بعد ذلك مشكلة هامة وهي تنظيم تلك المعلومات الكثيرة والمتعددة الخاصة بقبائل الهنود الحمر، وتوصل العالم الأمريكي "ويسلر Clark Wissler" إلى وسيلة جديدة في هذا المجال تعرف «بالمنطقة الثقافية»، ترمي تلك الوسيلة إلى تقسيم أو تصنيف ثقافات العالم إلى مجموعات ثقافية، تتكون كل مجموعة من عدة ثقافات متشابهة، وقد أطلق على كل مجموعة مصطلح «المنطقة الثقافية»، فالمنطقة الثقافية هي إقليم أو منطقة من العالم تعيش عليها مجموعة من المجتمعات الإنسانية ذات الثقافات المتشابهة، وللوصل إلى تحديد تلك المنطقة الثقافية لابد من دراسة ثقافات مجتمعات منطقة محدودة بشيء من التفصيل لتحديد عناصر تلك الثقافات وتحديد مدى انتشار تلك العناصر في المنطقة الثقافية، وتعرف العناصر الثقافية ومن أمثلة تلك العناصر الوسائل المستخدمة في الحصول على الطعام وطرق طهي الطعام والأدوات المستخدمة في الصيد وفي الطهي والزينة، والمواد المستخدمة في بناء المنازل وأساليب بناءها، هذا بالإضافة إلى النظم الاجتماعية كنظام القرابة واصطلاحات القرابة ونظم الزواج ونظم تربية الأبناء والنظام الديني بعناصره المختلفة والنظام السياسي وما إلى ذلك، وقد وضع "ويسلر" نموذجا لشرح نظريته فشبه المنطقة الثقافية بدائرة، ومركز تلك الدائرة يمثل «مركز الثقافة» ويقصد بذلك المصطلح المكان أو المجتمع الذي تتركز فيه معظم العناصر الثقافية المنتشرة في المنطقة الثقافية أو الذي يوجد فيه أكبر تكرار للعناصر الثقافية النمطية، وبالقرب من محيط الدائرة يوجد «هامش الثقافة» حيث تقل عناصر المنطقة الثقافية وذلك لاختلاط تلك العناصر بعناصر ثقافية أخرى. طبق مفهوم المنطقة الثقافية بدرجات متفاوتة من النجاح على عدة نظم ثقافية في مناطق متعددة من العالم بل لقد طبق على قارات بأكملها مثل أمركا الشمالية وأفريقيا وآسيا وأوروبا. حاول بعض العلماء الانتقال من مبدأ «المنطقة الثقافية» القائم أساسا على فكرة ظهور العنصر الثقافي في مكان محدد لأول مرة ثم ينتشر استخدامه في المناطق المحيطة به إلى مبدأ «المنطقة الزمنية» على أساس أن عمر العنصر الثقافي يكون في المكان الذي ظهر فيه أطول من عمره في الأماكن الأخرى التي انتشر فيها، تعرض تطبيق مبدأ «المنطقة الزمنية» لعقبات ومشاكل كثيرة ولذلك لم ينجح مثل مبدأ «المنطقة الثقافية» وليس معنى ذلك أن نظرية «المنطقة الثقافية» لم تتعرض للنقد السلبي، فقد أثير حولها الكثير من الجدل والاعتراضات، وقد لخص العالم "ديكسون Dixon" تلك الاعتراضات فيما يلي:
عدم وضوح طريقة التطبيق، فمثلا نمط ثقافي مثل الزراعة هل ننظر إليه على أنه عنصر ثقافي بسيط أم عنصر ثقافي مركب يتكون من عدة عناصر ثقافية بسيطة؟
صعوبة تحديد خطوط دقيقة تفصل بين منطقة ثقافية وأخرى، إذ أن مثل تلك الخطوط لا توجد في الواقع نظرا لتداخل المناطق الثقافية في الإقليم الواحد.
قد يفهم من نظرة «المنطقة الثقافية» أن هناك ترابط بين البيئات الجغرافية والحضارات التي توجد فيها، ولكن تثبت الدراسات الميدانية عدم عمومية ذلك الترابط، إذ يعيش الإنسان في البيئات الجغرافية المتشابهة بطرق معيشة مختلفة تماما عن بعضها بحيث نجد ثقافات مختلفة تماما في بيئات جغرافية متشابهة، ومن ناحية أخرى قد نجد ثقافات متشابهة في بيئات جغرافية مختلفة.
2.2/ فترة ازدهار الأنثروبولوجيا الثقافية «1915-1930م».
تتميز تلك الفترة بكثرة الأبحاث والمناقشات في الأنثروبولوجيا الثقافية ويرجع ذلك إلى نضوج العلم ووضوح مفاهيمه ومناهجه، أخذت تتركز دراسات هذا العلم في أمريكا وأصبح معظم علمائه من الأمريكيين.
افتتح العالم الأمريكي "سابير Sapir" هذه الفترة ببحثه الشهير: «عامل الزمن...» وبدأه بالعبارات التالية التي تؤكد مبادئ المدرسة التاريخية: «تسير الأنثروبولوجيا الثقافية بسرعة نحو اتخاذ القرار صورة على التاريخ، إذ لا يمكن فهم معطياتها سواء في ذاتها أو في علاقتها مع بعضها إلا على أنها فقط نهاية لحوادث معينة متتابعة ترجع إلى ماضي بعيد.» ويقصد بذلك أنه لا يمكن فهم الدراسات الوصفية لعناصر الثقافات المختلفة إلا عن طريق تحليل تاريخ تلك العناصر أي لا يمكن فهم الحاضر إلا بالرجوع إلى الماضي.
قام في تلك الفترة الكثير من العلماء مثل "ويسلر Wissler" و "لوي Lowie" و"كوبرKroeber" و"سبير Spier" والعالمة الأمريكية "بينيديكت Benedict" بأبحاث ممتازة خاصة بدراسات إقليمية تطبق فيها التحليل التوزيعية للعناصر الثقافية في حدود فترات زمنية معينة وتطبق فيها كذلك تحليل العمليات الثقافية.
توصل العالم "ويسلر" إلى مبدأ الانتشار الخاص بانتشار العناصر الثقافية من مجتمع لآخر، وبحث "ويسلر" كذلك العوامل الدينامية التي تؤثر في المنطقة الثقافية والبيئة الجغرافية المؤثرة فيه.
وفي انجلترا ظهر فرع أخر لتلك المدرسة الانتشارية وخير من يمثلها العلامة "سميث Elliot Smith" الذي كان متخصصا في المخ الإنساني ثم أصبح مهتما بدراسات الأنثروبولوجيا الثقافية. وقد أعجب "سميث" وبعض زملائه في جامعة مانشستر بالآثار التي اكتشفها عالم الآثار "بتري" في مصر، عندما فحصوا المعطيات الثقافية والآثار الخاصة بأماكن أخرى في العلم وجدوا تشابها واضحا بين تلك الآثار وآثار مصر القديمة فاستنتجوا من ذلك انتشار عناصر الثقافة المصرية من مصر إلى جميع أجزاء العالم.
كما يوجد فرع آخر للمدرسة الانتشارية في ألمانيا اختص بدراسة تاريخ ثقافات العالم وكانوا يطلقون على طريقهم اصطلاح المنهج التاريخي في دراسة الثقافة. ويعد العلامة الألماني "جرابنر graebner" المؤسس الأول لذلك الفرع.
ازدهرت في تلك الفترة الأنثروبولوجيا الثقافية ليس فقط لكثرة الأبحاث والمدارس وإنما لازدياد اهتمام الدول المتقدمة بهذا العلم عن طريق إنشاء المتاحف الأنثروبولوجية وخاصة في أمريكا التي اهتمت بجمع الآثار والتحف الفنية الممثلة لجميع ثقافات العالم وتصنيفها وعرضها بطريقة جذابة في المتاحف المعدة لذلك.
3.2/ الفترة التوسعية للأنثروبولوجيا الثقافية «1930-1940م».
تتميز تلك الفترة بالتحولات والمشكلات الخاصة بالأنثروبولوجيا الثقافية وخاصة في أمريكا التي تركزت فيها دراسات هذا الفرع للأنثروبولوجيا. ففي تلك الفترة تعرضت كل من المدرسة التاريخية والمدرسة الانتشارية للنقد الشديد من داخل ومن خارج أمريكا وخاصة من علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية. اعترفت الجامعات الأمريكية والأوروبية بالأنثروبولوجيا الثقافية وخصصت لها فرعا في أقسام علم الاجتماع، على النقيض من ذلك ضعف نشاط المتاحف الأنثروبولوجية وقلة أبحاثها بسبب الانهيار الاقتصادي الذي تعرضت له أمريكا في تلك الفترة. وفي تلك المرحلة تقدم علم الآثار وأصبح له مناهج ومقاييس خاصة بعمليات تاريخ الآثار والعناصر الثقافية، أثبتت تلك المقاييس عدم صحة نتائج «المدرسة الانتشارية» التي اعتمدت فقط على التحليل التوزيعي للعناصر الثقافية.
وفي هذه الفترة تقدمت وازدهرت دراسات الأنثروبولوجيا الاجتماعية بفضل أبحاث كل من "مالينوسكي Malinowski" و"راد كليف براون Radcliffe Brown"، وعندما وصلت تلك الأبحاث إلى أمريكا معقل الأنثروبولوجيا الثقافية أحدثت آثارا عميقة في مفاهيم ومناهج الأنثروبولوجيا الثقافية إذ تبين أن هناك مدارس أخرى غير «المدرسة التاريخية» و«المدرسة الانتشارية». فنجد العالم "كروبر Kroeber" يعيد فحص العلاقة بين «المناطق الثقافية» و«المناطق الجغرافية الطبيعية» بطريقة أكثر عمقا. وتوصل إلى مفهوم جديد وهو «قمة الثقافة» ويقصد بذلك النقطة أو المكان الذي يمثل أقصى تركيز أو تمثيل لثقافة معينة.
ومن النظريات الهامة التي اكتملت معالمها في تلك الفترة «النظرية التناسقية التكاملية»، مهد لها العالم الأمريكي "سابير Sapir" عندما اعترض على فكرة فصل الثقافة عن الأفراد الذين يصنعونها ولذلك نادى بضرورة اهتمام الأنثروبولوجيا بالفرد وبأفكاره وبمشاعره وعدم ترك هذا الموضوع لعلماء النفس وحدهم، أكد خاصية «الرمزية» لأن كل سلوك ثقافي هو سلوك رمزي، أي قائم على معاني مشتركة ومتبادلة بين أفراد المجتمع موضوع الدراسة.
هذه المدرسة تجمع بين الاهتمام بالسلوك والأعمال والاهتمام بالأفكار والعواطف والقيم والأهداف عند دراسة الثقافة. ظهر تأثير تلك المدرسة في أيامنا هذه إذ نجد ازدياد الاهتمام بدراسة الثقافة والشخصية معا بحيث لا يمكن فهم أحدهما دون الآخر، وتعرف تلك الدراسات باسم «الأنثروبولوجية النفسية». نجد العالم "سابير" يربط بين تحليلاته للثقافات ونظريات علم النفس العلاجي، ونلاحظ أن العالم "لينتون Leniton" يتخذ موقعا توفيقيا بين المناهج القديمة والحديثة وركز اهتمامه في اتجاه جديد هو موضوع «الثقافة والشخصية» الذي يمثل التعاون بين الأنثروبولوجيا الثقافية وعلم النفس.
ومن التفرعات الجديدة الأخرى التي ظهرت في تلك الفترة التوسعية الاهتمام بموضوع «امتزاج الحضارات»، اهتم به كل من "ريدفيلد" و"لينتون" و"هيرسكوفيتز" وغيرهم. ويجب الإشارة أيضا إلى ظهور فرع الأنثروبولوجيا التطبيقية الذي يستخدم مفاهيم ونتائج الأنثروبولوجيا في المجالات العملية مثل الإدارات والهيئات الخاصة بتطوير قبائل الهنود الحمر بالأمريكيتين وقد سبق عرض بعض دراسات ذلك الفرع.
ومن الخصائص الأساسية لتلك الفترة التوسعية أنه رغم غزارة تلك التفرعات التي انبثقت عن الأنثروبولوجيا الثقافية لم تظهر دراسات ممتازة تتناول موضوع العلم الأساسي ولذلك لم يحدث تقدم واضح في مفاهيم ومناهج ومدارس الأنثروبولوجيا الثقافية.
4.2/ الأنثروبولوجيا الثقافية في الفترة المعاصرة «1940- 1970م».
تتميز تلك الفترة بظهور اتجاهات جديدة وبانتشار الأنثروبولوجيا الثقافية في الجامعات الأمريكية والأوروبية وكذلك في جامعات المجتمعات النامية بأفريقيا وآسيا وأمركا اللاتينية، ويجب ملاحظة أن اهتمام الجامعات الأفريقية يتركز حول الأنثروبولوجيا الاجتماعية نظرا لارتباطها بالجامعات الانجليزية التي لا تعترف تقريبا إلا بالأنثروبولوجيا الاجتماعية.
وتعد الدراسات على المستوى القومي من أهم الاتجاهات الحديثة في الأنثروبولوجيا الثقافية إذ انتشرت الدراسات الخاصة بالمجتمعات الحديثة الكبيرة بغرض تحديد خصائص ثقافتها على المستوى القومي، فنجد أبحاثا حول خصائص الثقافة الأمريكية أو الثقافة الألمانية أو الثقافة اليابانية أو الصينية، ومما ساعد على ظهور هذا الاتجاه فترة الحرب العالمية الثانية، فنجد العالمة الأمريكي "بنيديكت" تقوم بدراسة لتحديد معالم الثقافة اليابانية والمعروف أن اليابان كانت في حالة حرب مع أمريكا في ذلك الوقت، لذلك اعتمدت في تلك الدراسة على اليابانيين الموجودين في أمريكا بالإضافة إلى المراجع المكتبية.
ومن أهم الأبحاث الحديثة في الأنثروبولوجيا الثقافية الاتجاه التخصصي وهو اتجاه ذو جوانب متعددة، فقد يتخصص العالم في دراسة منطقة ثقافية محددة أو في دراسة ثقافية معينة بالذات أو في خصائص ومبادئ الأنثروبولوجيا الثقافية مثل المنهج وطرق البحث أو تسجيل تاريخ هذا العلم.
ترتب على انتشار الاتجاه التخصصي أن اتضحت الفروق بين الأنثروبولوجيا الثقافية والأنثروبولوجيا الاجتماعية وأصبحا فرعين مختلفين للأنثروبولوجيا.
ظهر في الفترة المعاصرة اتجاه حديث آخر وهو زيادة التعاون والتبادل على مستوى الأساتذة وطلبة الدراسات العليا المتخصصين في الأنثروبولوجيا بفرعيها الثقافي والاجتماعي. فأقامت بعض الجامعات الانجليزية والأمريكية محطات للدراسات الحقلية للأنثروبولوجيا بأفريقيا وآسيا. وبدأت بعض المؤسسات تشجع وتمول أبحاث الأنثروبولوجيا الحضارية مما ادى على ازدهار تلك الأبحاث.
3/ طرق البحث في الأنثروبولوجيا الثقافية.
1.3/ الملاحظة بالمشاركة.
ويقصد بها معايشة ومشاركة الباحث في الأنشطة الاجتماعية التي يمارسها أعضاء المجتمع قيد الدراسة، ومن خلال تلك المشاركة يتمكن من دراسة حيثيات ثقافتهم. وتعد هذه الطريقة من أهم طرق البحث الأنثروبولوجي وفي ذات الوقت من أصعبها، فأول مشكلة تقابل الباحث في هذا المجال – مشكلة الدور – الذي يجب أن يؤديه لكي يحصل على معلومات موضوعية، وتعود أهمية هذه المشكلة إلى أن تواجد الباحث في مجتمع أو قبيلة ما يدفع الأفراد موضوع الملاحظة إلى تغيير سلوكهم العادي أو إلى الإدلاء بأقوال لا تعبر عن الحقيقة وذلك لشعورهم بأنهم موضع ملاحظة للغير.
فمن خلال الدور الذي يتقمصه عللا الباحث أن يتكلم لغتهم وأن يستخدم في تفكيره نفس التصورات أو المفاهيم السائدة ويشعر بالقيم التي يعتنقونها، ويعمل معهم ويشاركهم طعامهم واحتفالاتهم وارتداء ملابسهم. وخلال فترة المعايشة على الباحث تدوين تقارير يومية عن كل ما يلاحظه، وعندما يتمكن من الإلمام بفكرة عامة عن أسلوب معيشة معينة يبدأ في التحليل والكشف عن عناصر الثقافة والتركيب البنائي للمجتمع حتى تصبح دراسته واضحة على مستوى التحليل العلمي.
ولكي تكون نتائج هذا المنهج موضوعية وناجحة، فقد وضع "إيفانس بريتشارد Evans Pritchard"عدة شروط لذلك أهمها:
لكي ينزل الباحث إلى ميدان المعايشة لابد أن يمر بمرحلة تخصص ودراسة نظرية كافية في الأنثروبولوجيا عامة والعلوم الاجتماعية خاصة علم الاجتماع.
على الباحث أن يقضي فترة كافية في الاشتراك مع أفراد المجتمع موضوع الدراسة في معيشتهم، وتحديد الفترة الكافية يرتبط بعوامل متعددة مثل حجم المجتمع وطبيعة المشكلة المراد دراستها، وعادة مالا تقل تلك الفترة عن عام.
أن يكون الباحث طوال فترة الملاحظة على صلة وثيقة بأهالي المجتمع المدروس من خلال مشاركتهم جوانب حياتهم الاجتماعية.
على الباحث أن يستخدم لغة المجتمع المدروس ولا يستخدم المترجم لأنه يفشل في نقل الأفكار والمعاني بدقة.
على الباحث أن يدرس المجتمع دراسة كلية في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية حتى وإن كان بحثه ينصب حول موضوع محدد بالتفصيل.
لابد من أن يتوفر في الباحث نوع معين من الشخصية والمزاج كي يتمكن من تكييف نفسه عقليا ونفسيا وجسميا مع ظروف المجتمع المدروس.
على الباحث أن يتخلى عن قيمه وثقافته بقدر الإمكان حتى يستطيع تحقيق الملاحظة الموضوعية.
يحتاج الباحث لمهارة أدبية في نقل، وصف وتحليل الثقافة المدروسة إلى لغة الباحث نفسه وهذا لا يعني أن يكون أديبا فحسب بل قادرا على التعبير بلغة واضحة وسليمة.
2.3/ طريقة المقابلة «الموجهة وغير الموجهة».
يستخدم الأنثروبولوجي خلال الدراسة الميدانية بالإضافة إلى طريقة المعايشة، طريقة المقابلة وتتمثل في مقابلة بعض أفراد المجتمع، واكتساب ثقتهم لكي يفتحوا له قلوبهم ولا يزيفون الحقائق. وفي المقابلة غير الموجهة، يوجه الباحث الأسئلة للمبحوثين ويتيح لهم فرصة الإجابة المطولة دون توجيه الإجابات وجهة معينة، وعلى الباحث أن يدون تلك الإجابات بطريقة لا تثير الشك سواء بالوسائل الحديثة أو تدوين ما يسمعه مباشرة بعد المقابلة حتى لا ينسى أهم عناصرها.
أما المقابلة الموجهة فتتمثل تلك الطريقة في استخدام استمارة تتكون من مجموعة من الأسئلة التي وضعت بدقة حول موضوع معين، وفي معظم الأحيان تشمل الاستمارة الإجابات المحتملة بحيث يمكن ملئها بسرعة وتفريغها في جداول، ولا تنجح المقابلة الموجهة إلا في المجتمعات المتمدنة لأنها في المجتمعات البدائية تثير شكوك الفرد لعد تعوده على هذه الطريقة الرسمية في الحديث وكذلك الإنسان البدائي في الغالب لا يعرف القراءة والكتابة.
3.3/ طريقة المقارنة.
لا يجب على الأنثروبولوجي أن يكتفي بوصف قطاعات الثقافة في المجتمع موضوع الدراسة بل عليه أن يعمل على تحليل المعلومات الوصفية ليس فقط لتحديد أنماط العلاقات الاجتماعية وإنما لفهم الثقافة ككل ويتم ذلك عن طريق الكشف عن الوظائف الاجتماعية التي تؤديها النظم الاجتماعية والكشف عن التأثيرات المتبادلة بين النظم الاجتماعية وباقي نظم الثقافة، وبعد أن يكشف الباحث الأنثروبولوجي عن طبيعة الثقافة والأنماط الاجتماعية الأساسية، يقارن تلك الظواهر الاجتماعية والثقافية بمثيلاتها في المجتمعات الأخرى. وكل دراسة جديدة لمجتمع ما تساعد على توسيع مجال المقارنة، ويجب عند المقارنة استخدام الدراسات الميدانية التي يقوم بها الأنثروبولوجيون المتخصصون، ولا يجب الاعتماد هنا على الدراسات الميدانية التي يقوم بها الرحالة ورجال الصحافة وغير المتخصصين.
4.3/ طريقتي «تاريخ حياة الفرد والاختبارات النفسية».
يستخدم الأنثروبولوجي أثناء الدراسة الميدانية طريقة تاريخ حياة الفرد وتتلخص في تدوين أهم الأحداث التي تمر في حياة بعض أفراد المجتمع موضوع الدراسة، حيث يقص على الباحث تاريخ حياته منذ الصغر حتى اللحظة التي يتحدث فيها، وتبادل الثقة بين الباحث والمبحوث هنا ضرورية لإضفاء الموضوعية على المعلومات المقدمة وكذلك لعدم الإخفاء المقصود لبعض المعلومات.
أما طريقة الاختبارات النفسية فتستخدم لتحديد خصائص شخصية أفراد المجتمع موضوع الدراسة ومن أمثلة تلك الاختبارات اختبار "رورشاخ Rorschach"، ويتكون ذلك الاختبار من عشر لوحات رسم على كل لوحة صورة مكبرة لنقطة حبر قذف بها على ورقة فاتخذت شكلا غير منتظما ويطلب من الشخص أن يصف ما يمكن أن يتصوره من أشكال عندما ينظر لكل لوحة وعلى أساس ما يقرره الشخص يمكن التوصل إلى تحديد بعض خصائص شخصيته، وكثيرا ما يستخدم الاختبارات النفسية انثربولوجيو الثقافة الذين يتخصصون في تحديد العلاقة بين الشخصية والثقافة في مجتمع ما.
قائمة المراجع
1/ ماهية الأنثروبولوجيا.
1.1/ مفهوم الأنثروبولوجيا.
من الناحية الاشتقاقية نجد كلمة انثروبولوجيا Anthropologie تتركب من المصطلح الإغريقي Anthropos وتعني إنسان ومصطلح Logos وتعني علم، أي معناها اللفظي علم الإنسان، فالاستعمال الانجليزي للكلمة عام 1593م عنى بها علم الإنسان بالمفهوم الواسع. وهذا يتلاءم مع الاستعمال الحديث.
حيث كان دارسوا الأنثروبولوجيا الأوائل يركزون اهتمامهم في الماضي على المجتمعات والثقافات التي كانت تعرف باسم البدائية، كتلك التي تجدها عند الهنود الحمر الأمريكيين، وسكان أستراليا الأصليين، وشعوب جنوب المحيط الهادي. إلا أن الواقع اليوم أن الجانب الأكبر من هذه المجتمعات والثقافات قد اختفى، إما لأنها أبيدت كالعديد من قبائل الهنود الحمر الأمريكيين، وإما لأن الثقافات البدائية قد تعرضت لتغيرات جذرية بسبب اتصالها بالحضارة الحديثة من أجل هذا وسع الأنثروبولوجيون المحدثون دائرة دراساتهم الاجتماعية والثقافية بحيث تشمل – على سبيل المثال – الثقافات القروية المعاصرة في المكسيك، وأمريكا الجنوبية، وجنوب شرق آسيا، بل والمجتمعات الحضرية في أوروبا، آسيا، أفريقيا والأمريكيتين.
2.1/ أهم فروعها ومجالاتها.
تتضمن الفروع الرئيسية لعلم الإنسان ما يلي: علم الإنسان الطبيعي، وعلم الآثار، وعلم الإنسان اللغوي وعلم الإنسان الثقافي وعلم الإنسان الاجتماعي. وهي فروع كثيراً ما تتداخل وتتشابك. فمثلاً، يَدْرس علماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا الثقافية الكثير من الملامح الثقافية ذاتها. وبينما يركز علماء الآثار على دراسة الحضارات السابقة، فإن علماء علم الإنسان الثقافي ينشغلون أساساً بالحضارات المعاصرة. إضافة إلى خاصية أخرى، هي أن علم الإنسان التطبيقي يستلزم التطبيق العملي للمحاولات الأخرى.ومن أهم المجالات الرئيسية لعلم الإنسان:
علم الإنسان اللغوي يدرس أساليب استخدام اللغة وطرقها عند الشعوب ذات الثقافات المختلفة.
علم الآثار دراسة رواسب وبقايا الثقافات الماضية.
علم الإنسان الثقافي يتناول أصول، وتطور، ووظائف الثقافات الإنسانية.
علم الإنسان البيئي يهتم بكيفية توافق الناس مع بيئتهم والكيفية التي تؤثر بها البيئة في الثقافة.
علم الإنسان الاقتصادي يركز على الطرق التي تلجأ إليها الشعوب مختلفة الثقافات لإنتاج وتوزيع السلع.
علم الإنسان الوصفي الوصف العلمي لمختلف الجماعات الاجتماعية والثقافية.
علم الإنسان الطبيعي ويسمى أيضًا علم الإنسان الإحيائي أو الحيوي، وهو دراسة الخصائص الحيوية للكائنات البشرية.
علم الإنسان السياسي يهتم بطرق اتخاذ القرارات وحل الاختلافات داخل نسق سياسي معين.
علم الإنسان النفسي يدرس الكيفية التي تتدخل بها الثقافات المختلفة في تشكيل الشخصيات الفردية.
علم الإنسان الاجتماعي يبحث العلاقات الاجتماعية في داخل الجماعات الإنسانية.
3.1/ علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الأخرى.
على الرغم من أن الأنثروبولوجيا تعتبر عادة علما اجتماعيا تربطه علاقة أولية مع العلوم الأخرى كعلم الاجتماع وعلم النفس والجغرافيا والاقتصاد والسياسة فإنه مع ذلك ليس منعزلا بأي حال من الأحوال عن العلوم البيولوجية والدراسات الأدبية والفنية.
فالأنثروبولوجيا لم تكن اتصل إلى ما وصلت إليه من تطور إلا بعد أن حققت تلك العلوم درجة معينة من النضج والتقدم. فالأركيولوجي لكي يحدد العمر النسبي للثقافات المختلفة لابد له أن يستخدم مناهج دراسة الطبقات الجيولوجية دراسة علمية تمكنه من التعرف على العصر الجيولوجي الذي تنتمي إليه الحفريات كعظام الحيوانات أو بقايا المواد الثقافية الأخرى. كما ترتبط الأنثروبولوجيا البيولوجية ارتباطا وثيقا بعلم التشريح وعلم الأجنة وعلم الوراثة وغيرها من ميادين الدراسة الطبيعية.
كذلك لا يتمكن الأنثروبولوجي من فهم نظام التقويم الزمني عند الشعوب البدائية إلا من خلال الانتفاع ببعض المعلومات التي يقدها علم الفلك. كذلك تستخدم الأنثروبولوجيا الفيزياء والكيمياء على نطاق واسع في دراسة المصنوعات الخزفية التي ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ لتحديد تقنيات صناعتها وتحديد المواد الأصلية الداخلة في صنعها.
ويستخدم الأنثروبولوجي معلومات كل من عالم النبات والحيوان للوقوف على مدى انتفاع الشعوب البدائية بإمكانات وموارد البيئات التي يعيشون فيها أو لإعادة رسم صورة البيئة التي تمت فيها ثقافة إنسان ما قبل التاريخ.
هذا ونجد فروع الأنثروبولوجيا تتداخل وتتبادل مع علوم أخرى، فهي كما تستعين بتقنيات ونتائج هذه العلوم، تقدم لها في المقابل معطيات أساسية في تطوير مناهجها ونظرياتها.
فالأنثروبولوجيا تشترك وعلم النفس في دراسة سلوك الإنسان، إلا أن علماء النفس ظلوا لفترة طويلة من تاريخهم يقصرون اهتمامهم على مشكلات السلوك الفردي في المقام الأول، على حين كان الأنثروبولوجي يميل إلى وضع تصميمات جماعية على أسس ثقافية، وبالتالي لم تتوطد العلاقة بين العلمين إلا بعد أن وجه علماء الأنثروبولوجيا اهتماماتهم إلى موضوع العلاقة بين الفرد والثقافة.
أما عن علاقة الأنثروبولوجيا بعلم الاجتماع فيحددها التشابه بين المشكلات الأساسية في كل من العلمين، فمفهوم الثقافة أصبح يستخدم على نطاق واسع عند علماء الاجتماع، وفي المقابل تعد أحد أهم مباحث الأنثروبولوجيا.
2/ ماهية الثقافة.
1.2/ مفهوم الثقافة.
يتفق علماء الأنثروبولوجيا الثقافية على أن الثقافة هي موضوع علمهم، ولكنهم يختلفون في تعريفها، ولم يظهر هذا الاختلاف في العقود القليلة السابقة حيث في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان هناك شبه اتفاق على الأخذ بالتعريف الشهير الذي وضعه "تايلور Tylor" في كتابه «الثقافة البدائية» الذي يقول فيه: «الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعادات وغيرها من القدرات والعادات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع». وقد تبنى الأنثروبولوجيون هذا التعريف لعقود عدة إلى أن جاء التعريف الذي توصل إليه كل من "كروبر Kroeber" و"كلاك هون Kluckohn" من تفحصهما لما يزيد عن مائة تعريف من التعريفات التي قدمها الأنثروبولوجيون للثقافة ولم يجدا من بينها تعريفا مقبولا، إذ وجه القصير في الكثير منها يكمن في كون هذه التعريفات لا تميز بوضوح بين المفهوم والأشياء التي يشير إليها. ومن ذلك حدد الأمريكيان "كلاك هون" و"كروبر" تعريفا للثقافة حيث يقول "كلاك هون": «... نقصد بالثقافة جميع مخططات الحياة التي تكونت على مدى التاريخ، بما في ذلك المخططات الضمنية والصريحة، والعقلية واللاعقلية، وهي موجودة في أي وقت كموجهات لسلوك الناس عند الحاجة». وقد لقي هذا التعريف قبولا لدى علماء الأنثروبولوجيا الثقافية في أمريكا حيث انطلق من هذا التعريف كل من "بيلز Beals" و"هويجر Hoijer" في تعريفهما للثقافة بأنها: «تجريد مأخوذ من السلوك الإنساني الملاحظ حسيا ولكنها ليست هي ذلك السلوك»، ويقولان في كتاب صدر لهما عام 1953م «مدخل إلى الأنثروبولوجيا» أنه: «لا يستطيع الأنثروبولوجي أن يلاحظ الثقافة مباشرة» ويؤيد هذا التعريف عالم الأنثروبولوجيا الاجتماعية "راد كليف براون Radcliffe Brouon" بقوله: «لا تعبر الثقافة عن أي شيء واقعي محسوس وإنما عن تجريد، وغالبا ما يستخدم كتجريد غامض» ومن ذلك يتضح أن هذه التعريفات تصب اتجاهين: اتجاه واقعي يرى أن الثقافة هي كل يتكون من أشكال السلوك المكتسب الخاص بمجتمع أو بجماعة معينة من البشر. واتجاه تجريدي يرى الثقافة مجموعة أفكار يجردها العالم من ملاحظته للواقع المحسوس الذي يشتمل على أشكال السلوك المكتسب الخاص بمجتمع أو بجماعة معينة.
وقد ناقش الأنثروبولوجي "هوايت White" هذين الاتجاهين وانتهى إلى نظرية جديدة في تعريف الثقافة، القائلة بأن الثقافة هي الأمور المحسوسة التي تتمثل في الأشياء والأفعال والأفكار التي هي من صنع الإنسان، وعلى عالم الأنثروبولوجيا الثقافية أن يلاحظ تلك الأمور المحسوسة بصورة موضوعية وأن يطبق طرق البحث العلمي بغرض دراسة طبيعتها بدقة والوصول في النهاية إلى القوانين الخاضعة لها. وبهذه النظرية يتضح بأن "هوايت" يرفض الاتجاه التجريدي لكي يحافظ على استقلالية الأنثروبولوجيا عن علم النفس «في دراسة السلوك» ويأخذ بالاتجاه الواقعي.
2.2/ خصائص الثقافة.
مهما كانت هناك من جونب اختلاف بين الثقافات الإنسانية، إلا أن ثمة مظاهر عامة ومشتركة تتمثل في الخصائص العامة التي تميز الثقافة كموضوع علمي قابل للدراسة والتحليل، وتتمثل هذه الخصائص في:
1/ أنها مكتسبة: أي أنها لا تتكون من غريزة فطرية ولا تتناقل بيولوجيا عن طريق الوراثة، بل يكتسبها الفرد من مجتمعه عن طريق الخبرة الشخصية، وبالتالي فإن الإنسان يكتسب ثقافة المجتمع الذي يعش فيه منذ الصغر ولا تؤثر العوامل السلالية والفسيولوجية في عملية التنشئة الثقافية.
2/ أنها اجتماعية: أي أنها موضع مشاركة من جانب أفراد المجتمع الواحد وتصبح ملزمة من خلال الضغوط الاجتماعية «الإحساس يتماسك، الجماعة، وسائل الضبط الاجتماعي، تنظيم مسؤول عن الدفاع ضد القوى المعادية». وكون الثقافة اجتماعية، هذا يعني ارتباط مصيرها بمصير المجتمع الذي يتبناها.
3/ الثقافة إنسانية: إن الإنسان وحده دون سائر المخلوقات يختص بالثقافة، لأن الثقافة هي أفكار يخترعها العقل البشري وينفذها الإنسان بأعضائه وبغيرها من الأدوات والآلات التي يصنعها.
4/ الثقافة أفكار وأعمال: فكل عمل إنساني لا يمكن أن يتم ما لم تسبقه فكرة واردة التنفيذ، ولذلك لا تخرج العناصر المادية للثقافة عن كونها أفكار مجسدة في أعمال، كما أن هناك نظم ثقافية تحدد العلاقة بين الإنسان وعالم الأفكار المجردة، ومن أمثلة هذه النظم اللغة والدين والفن والقيم، وكون هذه النظم ذات طابع فكري تجريدي إلا أنها لا تخلوا من الأعمال.
5/ الثقافة كل ونسيج متداخل: تتكون الثقافة من عناصر وقطاعات متداخلة مما يجعل الأنثروبولوجي يفضل دراسة ثقافة مجتمع لا ينتمي إليه، وذلك لصعوبة تحقيق النظرة الكلية الموضوعية اللازمة لدراسة الثقافة إذا كان يدرس ثقافته. حيث يقوم الأنثروبولوجي بدراسة وصفية للعناصر والنظم الثقافية الخاصة بالمجتمع المدروس، ثم يحلل تداخل تلك العناصر والنظم ليتمكن من تحديد البنيان المتكامل لثقافة ذلك المجتمع، فمثلا في القرى العربية نجد أن الدين يتداخل ونظم العلاقات العائلية، وكذا في نظم الأكل والملبس والميراث وحتى النظام الاقتصادي.
6/ الثقافة توافقية: تتميز الثقافة بتغيرها حيث تتغير لكي تتوافق مع البيئة الجغرافية، والبيئة الاجتماعية والسيكولوجية، فكلما تغيرت ظروف الحياة عجزت الأشكال التقليدية عن توفير القدر اللازم من الإشباع، وكلما ظهرت حاجات جديدة استحدثت توافقات ثقافية جديدة لإشباعها.
7/ التكامل الثقافي: حيث عناصر كل ثقافة تميل إلى تشكيل كل متكامل ومتناسق، لكن التكامل الواقعي الخالص مسألة لا يمكن أن تتحقق لأن الأحداث التاريخية تحدث باستمرار تأثيرا مخلا إلى درجة ما، فالتكامل يحتاج إلى وقت. فحتى الآن مازالت التغيرات طارئة على عادات العمل والترفيه والدين نتيجة لاستخدام السياسات الخاصة غير المكتملة، وحتى إذا اكتملت أية ثقافة بمختلف جوانبها فالارتباط بينها وبين ثقافة أخرى مختلفة عنها يجعلها غير متكاملة.
3.2/ مستويات الثقافة.
يميز الأنثروبولوجي في دراسته ثقافات المجتمع بين مستويين من الثقافة: المستوى البدائي البسيط، والمستوى المتمدن المعقد. واليوم يعيش معظم الجنس البشري في المستوى الثقافي المتمدن، ولا يزال يوجد عدد قليل من البشر يعيشون في مستوى ثقافي بدائي في إفريقيا وآسيا وأستراليا. كما أنه توجد اختلافات فرعية في كل مستوى، فمثلا توجد مجتمعات متقدمة وأخرى نامية وثالثة مختلفة في المستوى المتمدن.
وتشكلت هذه المستويات بشكل تدريجي عبر المراحل التاريخية التي مر بها وجود الإنسان نفسه، حيث جاء جنس الإنسان الذي ينتمي إلى جميع البشر الحاليين إلى العالم منذ (35000) خمسة وثلاثون ألف سنة وبدأ يصنع ثقافته البسيطة على مر السنين، وكان همه الأول التكيف مع البيئة عن طريق توفير حاجاته الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس، وعاش فترة وهو يعتمد في قوته ووجوده على جمع والتقاط الطعام ثم عرف الصيد، وعاش آلاف السنين معتمدا في حياته على الصيد وجمع الثمار إلى أن اكتشف الرعي والزراعة منذ ثمانية آلاف سنة فقط، بمعنى أن أجدادنا المباشرين عاشوا ما يقرب عن (37000) سبعة وثلاثون ألف سنة دون زراعة ودون رعي، يعيشون في كفاح مرير مع الطبيعة لتوفير قوتهم وصنع أسلحتهم وبناء مساكنهم. وتغير الخال بعد اكتشاف الزراعة بالذات إذ توفرت له الإمكانيات لبناء المدن، وهنا ظهر مستوى ثقافي جديد يعرف باسم "المدنية Civilisation" كنتاج لتطور المستوى الثقافي الأول وهو البدائية الذي كان المحور الأساسي للدراسات الأنثروبولوجية.
ب/ الأنثروبولوجيا الثقافية
1/ ماهية الأنثروبولوجيا الثقافية.
1.1/ مفهوم الأنثروبولوجيا الثقافية.
تدر الأنثروبولوجيا الثقافية الثقافة أي أنها تتناول طريقة معيشة مجتمع ما، سواء أكان ذلك المجتمع بدائي أو متخلف أو نامي أو متقدم. والثقافة من صنع الإنسان وهي ظاهرة طبيعية تخضع لقوانين الطبيعة مثل قانون التطور وقانون البقاء للأصلح ولذلك يدرسها هذا الفرع بمناهج علمية لا تختلف عن المناهج التي تستخدمها العلوم الطبيعية.
وقد كان لاكتشاف مفهوم الثقافة من طرف "تايلور Tylor" أكبر الأثر في تنظيم موضوعات هذا العلم في إطار واحد، فهو المركز الذي ينتظم حوله معظم الظواهر التي ترتبط عن قريب أو بعيد بالإنسان، وبالتالي فالأنثروبولوجيا الثقافية ترمي إلى فهم طبيعة ظاهرة الثقافة وتحديد عناصرها سواء في المجتمعات الحالية أو المجتمعات القديمة، فهي تبحث في التغير الثقافي وعمليات الاقتراض والامتزاج والصراع بين الثقافات، وتحديد نتائج تلك الاتصالات الثقافية، كما تدرس خصائص الأشكال المتشابهة من الثقافات أي الأنماط الثقافية التي تحدث بصورة مستقلة في الأماكن والعصور المختلفة.
وتكون دراسة الأنثروبولوجيا الثقافية ذات جانبين: الجانب الأول هو الدراسة المتزامنة أو في زمن واحد «أي دراسة المجتمعات والثقافات في نقطة زمنية من تاريخها. الجانب الآخر هو الدراسة التتبعية أو التاريخية وهو دراسة المجتمعات والثقافات عبر التاريخ. ومن الواضح أن علم الآثار يكرس نفسه للدراسات التتبعية، حيث يركز في الأساس على المجتمعات والثقافات القديمة، وكذلك على المراحل الغابرة من الحضارات الحديثة، وهو يحاول إعادة رسم صورة الأشكال الثقافية الماضية، وتتبع أثرها وتطورها عبر الزمان.
2.1/ فروع الأنثروبولوجيا الثقافية.
*الاثنولوجيا Ethnologie:
يختص بدراسة ثقافة المجتمعات الموجودة وقت الدراسة وكذلك الثقافات التي انقرضت بشرط توافر تسجيلات مكتوبة لشهود عاشوا في تلك الثقافات. ويدرس الأثنولوجي كل ثقافة المجتمع أو المجتمعات التي يبحثها، ولذلك يبحث النظم السياسية والاقتصادية والدين والتقاليد والفنون الشعبية وفروع المعرفة والفنون الصناعية وكذلك المثل العليا والفلسفات. وقد اتفق معظم العلماء على إطلاق اصطلاح «اثنوقرافيا» على الدراسة التي تقتصر على وصف ثقافة مجتمع ما، ويطلق اصطلاح «اثنولوجيا» على الدراسات التي تجمع بين الوصف والمقارنة فالأثنولوجي يهتم بالمقارنة بين الثقافات التي يصفها الأثنوقرافي، ويهدف الأثنولوجي من تلك المقارنات الوصول إلى قوانين عامة للعادات الإنسانية ولظاهرة التغير الثقافي وآثار الاتصال بين مجموعات أو أشكال على أساس مقاييس معينة.
*علم الآثار Archéologie:
يدرس ماضي الإنسان، ويرمي إلى تحديد وتتابع التغير الثقافي على مر العصور، ويهدف كذلك إلى إعادة بناء «عملية تصورية» الحياة الاجتماعية لمجتمعات ما قبل التاريخ. ويوجد اختلاف جوهري بين علماء الآثار وعلماء التاريخ، فبينما يدرس علماء التاريخ الفترات المسجلة كتابة للمدنيات الكبرى في الشرق الأوسط وأوروبا والشرق الأقصى، يهتم علماء الآثار بالفترات والمراحل التاريخية الطويلة التي قضاها الإنسان قبل اكتشاف القراءة والكتابة. ويعتمد عالم الآثار في دراساته على البقايا التي خلفها الإنسان والتي تمثل ثقافاته. وقد توصل العلماء إلى أساليب دقيقة لحفر طبقات الأرض التي يحتمل وجود بقايا حضارية بها، وتوصلوا كذلك إلى مناهج دقيقة لفحص تلك البقايا وتسجيلها وتحديد المواقع التي توجد فيها وتصنيفها للتعرف عليها ومقارنتها ببعضها، ويستطيع علماء الآثار عن طريق تلك المناهج استنتاج الكثير من المعلومات عن الثقافات القديمة وتغيراتها واتصالاتها بغيرها. ويتعاون علماء الآثار في أبحاثهم مع المؤرخين والأنثروبولوجيين باختلاف تخصصاتهم، فمثلا يمدهم الأثنوقرافيون والمؤرخون بالمعلومات الخاصة بالثقافات التي جاءت بعد أو نمت عن حضارات ما قبل التاريخ. كما أنهم يستفيدون من أبحاث ودراسات علماء الجيولوجيا وعلماء النبات والحيوان والمناخ في تأريخ وتحقيق هوية البقايا التي يكتشفونها. وكثيرا ما يستخدمون التجارب المعملية لاكتشاف خصائص ومناخ لبقايا «الأركيولوجية»، ولذلك يحتاج عالم الآثار إلى معرفة واعية بالكيمياء والطبيعيات والمهارات الدقيقة. وقد نجح العلماء المحدثون في اختراع وسيلة جديدة لتحديد عمر البقايا بدقة وهي طريقة «الكربون المشع» وتعرف باسم «C14»، وكثيرا ما يتعاون علماء الآثار مع غيرهم من العلماء المتخصصين في انثروبولوجيا الطبيعة وذلك لكثرة تواجد الحفريات الإنسانية مع البقايا الثقافية، وتوضع البقايا التي يكتشفها علماء الآثار في متاحف خاصة بذلك، ومن أمثلة تلك البقايا الأدوات الحجرية للإنسان القديم وكذلك قطع صغيرة من الأواني الفخارية، وحراب وأقواس وسهام قديمة للغاية. وتوجد بعض الأقسام - في الجامعات الكبيرة المتقدمة - المتخصصة في علم الآثار وتدرس مبادئ العلم لطلبة أقسام الأنثروبولوجيا بكليات العلوم الاجتماعية، على أن يتخصص الطالب في الدراسات العليا في علم الآثار.
*علم اللغويات Linguistiques:
يستخدم المنهج العلمي في دراسة اللغات، ويعتبر أحد فروع الأنثروبولوجيا الثقافية لأن اللغة أحد عناصر الثقافة بل هي أهم تلك العناصر. وينقسم علم اللغويات إلى أقسام فرعية أهمها علم اللغويات الوصفي، وعلم أصوات اللغات. ويهتم علم اللغويات الوصفي بتحليل اللغات في زمن محدد ويدرس النظم الصوتية وقواعد اللغة والمفردات، ويعتمد عالم اللغة في دراساته على اللغة الكلامية ولذلك يستمع إلى المواطنين وخاصة أن معظم دراساته تكون متعلقة بلغات كلامية لم تكتب بعد، فيقوم عالم اللغة بكتابة تلك اللغات عن طريق استخدام رموز دولية متعارف عليها. تتركز معظم تلك الدراسات في المجتمعات البدائية التي لم تعرف القراءة والكتابة ولكنها ذات لغة كلامية إذ لا يوجد مجتمع إنساني مهما تخلفت ثقافته دون لغة كلامية.
أما علم أصول اللغات فيختص بالجانب التاريخي والمقارن حيث يدرس العلاقات التاريخية بين اللغات التي يمكن متابعة تاريخها عن طريق وثائق مكتوبة، وتتعقد المشكلة بالنسبة للغات القديمة التي لم تترك وثائق مكتوبة، وتوجد وسائل خاصة لبحث تاريخ تلك اللغات، يهدف هذا القسم إلى تحديد أصول اللغات الإنسانية.
توجد علاقات تعاونية بين عالم اللغة والأنثروبولوجي الثقافي، وذلك لأن على الأثنولوجي والأنثروبولوجي الاجتماعي أن يدرس لغة المجتمع الذي يبحثه ولا يتم ذلك إلا عن طريق دراسة مبادئ علم اللغويات، ولكن من الناحية الواقعية نلاحظ أن علم اللغويات له أقسام مستقلة في الجامعات، والسبب في ذلك إمكان دراسة اللغة وتحليل عناصرها بصورة مستقلة عن بقية عناصر الثقافة ويقوم المتخصصون في تلك الأقسام بتدريس مادة اللغويات وفروعها لطلبة أقسام الأنثروبولوجيا. وقد تقدم علم اللغويات في العصر الحاضر ويستخدم الآن مناهج وآلات دقيقة في دراسة لغات العالم ولذلك توصل إلى قوانين عامة دقيقة لا تقل في دقتها عن قوانين العلوم الطبيعية.
3.1/ علاقة الأنثروبولوجيا الثقافية بالأنثروبولوجيا الاجتماعية.
يختلف الأنثروبولوجيون فيما بينهم حول وضع الحدود الفاصلة بين الأنثروبولوجيا الاجتماعية والأنثروبولوجيا الاجتماعية. فلا يمكن تحديد الفروق الأساسية بين الأنثروبولوجيا الثقافية التي تختص بموضوع الثقافة والأنثروبولوجيا الاجتماعية التي تختص بالبناء الاجتماعي الذي هو أحد القطاعات الكبرى للثقافة، وذلك لوجود اختلافات في المراحل التكوينية التي مر بها كل علم.
لذلك تذهب المدرسة الإنجليزية إلى ضرورة الفصل بين الأنثروبولوجيتين على أساس أن كل فرع مهما مستقل بذاته، أما المدرسة الأمريكية فترى أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية فرع من فروع الأنثروبولوجيا الثقافية. فقد استخدم مصطلح الأنثروبولوجيا الاجتماعية في انجلترا لأول مرة عندما أطلق على أول كرسي جامعي لهذا العلم، ولقد شغله "فريزر Fraiser"، ولقد اختير هذا المصطلح للتمييز بينه وبين الأنثروبولوجيا الطبيعية الذي كان يطلق عليه تجاوزا مصطلح «الأنثروبولوجيا»
اتضح مفهوم هذا العلم بوضوح عندما شغل ذلك الكرسي العالم "راد كليف براون Radcliffe Brown" الذي حدد موضوعه على الأنثروبولوجيا الاجتماعية من موضوع الأنثروبولوجيا الثقافية عندما قرر "دور كايم Durh Keim" ضرورة دراسة الظواهر الاجتماعية على أنها «أشياء»، ترتب على ذلك إعلان كل من العلامة الفرنسي "موس Mauss" والإنجليزي "مالينوسكي" أن «الأشياء» التي من صنع الإنسان هي أيضا ظواهر اجتماعية وتدخل في نطاق علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الاجتماعية، يرى العالم "ليفي ستراوس" أن هذا الإدماج للأشياء في نطاق الأنثروبولوجيا الاجتماعية ساعد على اقترابه التام من الأنثروبولوجيا الثقافية ويقول ما نصه: «وهكذا يمكن لنا أن نقول أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية والأنثروبولوجيا الثقافية أصبحتا تدرسان نقس الموضوعات، ولكن يوجد اختلاف بسيط وهو أن الأنثروبولوجيا الثقافية تبدأ بدراسة الأشياء المادية والفنون العملية وتنتقل منها إلى دراسة النشاط الاجتماعي والسياسي، بينما تبدأ الأنثروبولوجيا الاجتماعية بدراسة الحياة الاجتماعية والانتقال بعد ذلك إلى دراسة الأشياء التي هي من نتاج العلاقات الاجتماعية وعن طريقها تعبر الحياة الاجتماعية عن نفسها. ويمكن تشبيه هذين العلمين بكتابين يحتويان على فصول متشابهة، ولكن يختلفان في ترتيب تلك الفصول وفي عدد الصفحات».
ومع ذلك فهو يعترف بوجود اختلافات أخرى يسميها بالطفيفة، ففيما يتعلق بالأنثروبولوجيا الاجتماعية نجد أنها من اكتشاف أن جوانب الحياة الاجتماعية من اقتصادية وفنية وسياسية وقانونية وجمالية ودينية تكون في الحقيقة مركبا متميزا لا يمكن فهم أي جانب منه إلا بالرجوع إلى باقي جوانب ذلك المركب لمعرفة التداخل الوظيفي بينهما، ونمى من مفهوم الوظيفة الاجتماعية مفهوم جديد وهو البناء الاجتماعي وهو مصطلح علمي للمركب سابق الذكر، وأصبح البناء الاجتماعي هو موضوع الأنثروبولوجيا الاجتماعية وساد الاتجاه الإستاتيكي في دراسات هذا العلم، ورغم أن الأنثروبولوجيا الثقافية قد توصلت لذلك الفهم الكلي للثقافة كمركب متداخل العناصر والجوانب إلا أنها اتبعت في ذلك الاتجاه الدينامي وخاصة في عملية انتقال التراث الثقافي من جيل إلى جيل، وعن طريق ذلك الاتجاه الدينامي وضحت الثقافة ككل متداخل وليس كعناصر متفرقة، وينتهي "ليفي ستراوس" من هذه المناقشة إلى استنتاج أن الفرق بين العلمين هو في أسلوب الدراسة وليس موضوع الدراسة لأن الموضوع واحد تقريبا فلا يوجد مجتمع إنساني دون ثقافة، ولا يمكن أن توجد ثقافة حية دون مجتمع.
2/ نشأة الأنثروبولوجيا الثقافية.
موضوع دراسة الأنثروبولوجيا الثقافية هو الثقافة، ولذلك ارتبطت نشأة هذا الفرع للأنثروبولوجيا بظهور أول مفهوم واضح لاصطلاح الثقافة، وقد تم ذلك لأول مرة على يد "تيلور Tylor" في عام 1871م حين قال: «الثقافة ... هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادات، وأي قدرات وعادات أخرى يكتسبها الإنسان بصفته عضو في المجتمع» وقد ساد هذا التعريف عند كل رواد هذا الفرع في القرن التاسع عشر، بل أن العلامة الأمريكي "لوي Lowie" الذي يعد مؤسس الأنثروبولوجيا الثقافية في أمريكا – قد بدأ كتابه الشهير «المجتمع البدائي 1920» بنقل تعريف "تايلور" للثقافة ووصفه «بالتعريف الشهير»، ومن الرواد الآخرين لهذا الفرع في أمريكا كل من "مورجان Morgan" و "باندليير Bandlier" و "كاشينج Cushing" و"دورسي Dorsey" و "فليتشر Fletcher"، أما في انجلترا فبالإضافة لإلى العالم "تايلور" نجد العلماء "مين Maine" و"ماكلينان Mclennan" و"بت رفز Pitt Rivers" و"لبوك Lubbock" و"روبرتسن سميث Robertson Smith" و"فريزر Frazer"، ومن العلماء الألمان العالم "باخوفين Bachofen"، وكان لظهور العالم الأمريكي "فران بواز Franz Boas" «1858-1943م» أكبر الأثر في الأنثروبولوجيا إلى وجهة جديدة تختلف عن المدرسة التطورية، ويرجع إليه الفضل في نشر الأنثروبولوجيا الثقافية في أمريكا بحيث أصبح معظم المتخصصين في هذا الفرع من الأمريكيين، ومن الممكن تسمية الاتجاه الجديد «بالمدرسة التاريخية» ويتمثل في موضوعين:
الأول: الاهتمام بالدراسات التفصيلية لثقافات فردية صغيرة مثل ثقافات العشائر والقبائل، وتتم دراسة العشيرة أو القبيلة في إطار منطقتها الإقليمية الثقافية، وترمي تلك الدراسة إلى إعادة بناء وتصور تاريخ ثقافة تلك العشيرة أو القبيلة في الماضي.
الثاني: المقارنة بين تواريخ مجموعة القبائل التي درست لتحقيق الغرض النهائي للأنثروبولوجيا الثقافية كما يحدده العالم "بواز"، وهو الوصول إلى قوانين عامة لنمو الثقافات، وكانت القوانين التي توصل إليها "بواز" عن طريق منهجه هذا ذات طابع نفسي.
1.2/ الفترة التكوينية للأنثروبولوجيا الثقافية «1900-1915م».
تركزت في تلك الفترة مجهودات وأعمال تلاميذ العالم "بواز" في القسم الأول من اتجاهه أو نظريته وهي الدراسات التفصيلية لمجتمعات صغيرة لتحديد عناصر وتاريخ وتطور ثقافاتها، ونتج عن ذلك دراسات ميدانية كثيرة متعلقة بالقبائل الهندية في أمريكا، وكانت تلك القبائل في طريقها للانقراض مما أدى إلى تلهف علماء الأنثروبولوجيا على تسجيل ثقافاتها. وجاءت بعد ذلك مشكلة هامة وهي تنظيم تلك المعلومات الكثيرة والمتعددة الخاصة بقبائل الهنود الحمر، وتوصل العالم الأمريكي "ويسلر Clark Wissler" إلى وسيلة جديدة في هذا المجال تعرف «بالمنطقة الثقافية»، ترمي تلك الوسيلة إلى تقسيم أو تصنيف ثقافات العالم إلى مجموعات ثقافية، تتكون كل مجموعة من عدة ثقافات متشابهة، وقد أطلق على كل مجموعة مصطلح «المنطقة الثقافية»، فالمنطقة الثقافية هي إقليم أو منطقة من العالم تعيش عليها مجموعة من المجتمعات الإنسانية ذات الثقافات المتشابهة، وللوصل إلى تحديد تلك المنطقة الثقافية لابد من دراسة ثقافات مجتمعات منطقة محدودة بشيء من التفصيل لتحديد عناصر تلك الثقافات وتحديد مدى انتشار تلك العناصر في المنطقة الثقافية، وتعرف العناصر الثقافية ومن أمثلة تلك العناصر الوسائل المستخدمة في الحصول على الطعام وطرق طهي الطعام والأدوات المستخدمة في الصيد وفي الطهي والزينة، والمواد المستخدمة في بناء المنازل وأساليب بناءها، هذا بالإضافة إلى النظم الاجتماعية كنظام القرابة واصطلاحات القرابة ونظم الزواج ونظم تربية الأبناء والنظام الديني بعناصره المختلفة والنظام السياسي وما إلى ذلك، وقد وضع "ويسلر" نموذجا لشرح نظريته فشبه المنطقة الثقافية بدائرة، ومركز تلك الدائرة يمثل «مركز الثقافة» ويقصد بذلك المصطلح المكان أو المجتمع الذي تتركز فيه معظم العناصر الثقافية المنتشرة في المنطقة الثقافية أو الذي يوجد فيه أكبر تكرار للعناصر الثقافية النمطية، وبالقرب من محيط الدائرة يوجد «هامش الثقافة» حيث تقل عناصر المنطقة الثقافية وذلك لاختلاط تلك العناصر بعناصر ثقافية أخرى. طبق مفهوم المنطقة الثقافية بدرجات متفاوتة من النجاح على عدة نظم ثقافية في مناطق متعددة من العالم بل لقد طبق على قارات بأكملها مثل أمركا الشمالية وأفريقيا وآسيا وأوروبا. حاول بعض العلماء الانتقال من مبدأ «المنطقة الثقافية» القائم أساسا على فكرة ظهور العنصر الثقافي في مكان محدد لأول مرة ثم ينتشر استخدامه في المناطق المحيطة به إلى مبدأ «المنطقة الزمنية» على أساس أن عمر العنصر الثقافي يكون في المكان الذي ظهر فيه أطول من عمره في الأماكن الأخرى التي انتشر فيها، تعرض تطبيق مبدأ «المنطقة الزمنية» لعقبات ومشاكل كثيرة ولذلك لم ينجح مثل مبدأ «المنطقة الثقافية» وليس معنى ذلك أن نظرية «المنطقة الثقافية» لم تتعرض للنقد السلبي، فقد أثير حولها الكثير من الجدل والاعتراضات، وقد لخص العالم "ديكسون Dixon" تلك الاعتراضات فيما يلي:
عدم وضوح طريقة التطبيق، فمثلا نمط ثقافي مثل الزراعة هل ننظر إليه على أنه عنصر ثقافي بسيط أم عنصر ثقافي مركب يتكون من عدة عناصر ثقافية بسيطة؟
صعوبة تحديد خطوط دقيقة تفصل بين منطقة ثقافية وأخرى، إذ أن مثل تلك الخطوط لا توجد في الواقع نظرا لتداخل المناطق الثقافية في الإقليم الواحد.
قد يفهم من نظرة «المنطقة الثقافية» أن هناك ترابط بين البيئات الجغرافية والحضارات التي توجد فيها، ولكن تثبت الدراسات الميدانية عدم عمومية ذلك الترابط، إذ يعيش الإنسان في البيئات الجغرافية المتشابهة بطرق معيشة مختلفة تماما عن بعضها بحيث نجد ثقافات مختلفة تماما في بيئات جغرافية متشابهة، ومن ناحية أخرى قد نجد ثقافات متشابهة في بيئات جغرافية مختلفة.
2.2/ فترة ازدهار الأنثروبولوجيا الثقافية «1915-1930م».
تتميز تلك الفترة بكثرة الأبحاث والمناقشات في الأنثروبولوجيا الثقافية ويرجع ذلك إلى نضوج العلم ووضوح مفاهيمه ومناهجه، أخذت تتركز دراسات هذا العلم في أمريكا وأصبح معظم علمائه من الأمريكيين.
افتتح العالم الأمريكي "سابير Sapir" هذه الفترة ببحثه الشهير: «عامل الزمن...» وبدأه بالعبارات التالية التي تؤكد مبادئ المدرسة التاريخية: «تسير الأنثروبولوجيا الثقافية بسرعة نحو اتخاذ القرار صورة على التاريخ، إذ لا يمكن فهم معطياتها سواء في ذاتها أو في علاقتها مع بعضها إلا على أنها فقط نهاية لحوادث معينة متتابعة ترجع إلى ماضي بعيد.» ويقصد بذلك أنه لا يمكن فهم الدراسات الوصفية لعناصر الثقافات المختلفة إلا عن طريق تحليل تاريخ تلك العناصر أي لا يمكن فهم الحاضر إلا بالرجوع إلى الماضي.
قام في تلك الفترة الكثير من العلماء مثل "ويسلر Wissler" و "لوي Lowie" و"كوبرKroeber" و"سبير Spier" والعالمة الأمريكية "بينيديكت Benedict" بأبحاث ممتازة خاصة بدراسات إقليمية تطبق فيها التحليل التوزيعية للعناصر الثقافية في حدود فترات زمنية معينة وتطبق فيها كذلك تحليل العمليات الثقافية.
توصل العالم "ويسلر" إلى مبدأ الانتشار الخاص بانتشار العناصر الثقافية من مجتمع لآخر، وبحث "ويسلر" كذلك العوامل الدينامية التي تؤثر في المنطقة الثقافية والبيئة الجغرافية المؤثرة فيه.
وفي انجلترا ظهر فرع أخر لتلك المدرسة الانتشارية وخير من يمثلها العلامة "سميث Elliot Smith" الذي كان متخصصا في المخ الإنساني ثم أصبح مهتما بدراسات الأنثروبولوجيا الثقافية. وقد أعجب "سميث" وبعض زملائه في جامعة مانشستر بالآثار التي اكتشفها عالم الآثار "بتري" في مصر، عندما فحصوا المعطيات الثقافية والآثار الخاصة بأماكن أخرى في العلم وجدوا تشابها واضحا بين تلك الآثار وآثار مصر القديمة فاستنتجوا من ذلك انتشار عناصر الثقافة المصرية من مصر إلى جميع أجزاء العالم.
كما يوجد فرع آخر للمدرسة الانتشارية في ألمانيا اختص بدراسة تاريخ ثقافات العالم وكانوا يطلقون على طريقهم اصطلاح المنهج التاريخي في دراسة الثقافة. ويعد العلامة الألماني "جرابنر graebner" المؤسس الأول لذلك الفرع.
ازدهرت في تلك الفترة الأنثروبولوجيا الثقافية ليس فقط لكثرة الأبحاث والمدارس وإنما لازدياد اهتمام الدول المتقدمة بهذا العلم عن طريق إنشاء المتاحف الأنثروبولوجية وخاصة في أمريكا التي اهتمت بجمع الآثار والتحف الفنية الممثلة لجميع ثقافات العالم وتصنيفها وعرضها بطريقة جذابة في المتاحف المعدة لذلك.
3.2/ الفترة التوسعية للأنثروبولوجيا الثقافية «1930-1940م».
تتميز تلك الفترة بالتحولات والمشكلات الخاصة بالأنثروبولوجيا الثقافية وخاصة في أمريكا التي تركزت فيها دراسات هذا الفرع للأنثروبولوجيا. ففي تلك الفترة تعرضت كل من المدرسة التاريخية والمدرسة الانتشارية للنقد الشديد من داخل ومن خارج أمريكا وخاصة من علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية. اعترفت الجامعات الأمريكية والأوروبية بالأنثروبولوجيا الثقافية وخصصت لها فرعا في أقسام علم الاجتماع، على النقيض من ذلك ضعف نشاط المتاحف الأنثروبولوجية وقلة أبحاثها بسبب الانهيار الاقتصادي الذي تعرضت له أمريكا في تلك الفترة. وفي تلك المرحلة تقدم علم الآثار وأصبح له مناهج ومقاييس خاصة بعمليات تاريخ الآثار والعناصر الثقافية، أثبتت تلك المقاييس عدم صحة نتائج «المدرسة الانتشارية» التي اعتمدت فقط على التحليل التوزيعي للعناصر الثقافية.
وفي هذه الفترة تقدمت وازدهرت دراسات الأنثروبولوجيا الاجتماعية بفضل أبحاث كل من "مالينوسكي Malinowski" و"راد كليف براون Radcliffe Brown"، وعندما وصلت تلك الأبحاث إلى أمريكا معقل الأنثروبولوجيا الثقافية أحدثت آثارا عميقة في مفاهيم ومناهج الأنثروبولوجيا الثقافية إذ تبين أن هناك مدارس أخرى غير «المدرسة التاريخية» و«المدرسة الانتشارية». فنجد العالم "كروبر Kroeber" يعيد فحص العلاقة بين «المناطق الثقافية» و«المناطق الجغرافية الطبيعية» بطريقة أكثر عمقا. وتوصل إلى مفهوم جديد وهو «قمة الثقافة» ويقصد بذلك النقطة أو المكان الذي يمثل أقصى تركيز أو تمثيل لثقافة معينة.
ومن النظريات الهامة التي اكتملت معالمها في تلك الفترة «النظرية التناسقية التكاملية»، مهد لها العالم الأمريكي "سابير Sapir" عندما اعترض على فكرة فصل الثقافة عن الأفراد الذين يصنعونها ولذلك نادى بضرورة اهتمام الأنثروبولوجيا بالفرد وبأفكاره وبمشاعره وعدم ترك هذا الموضوع لعلماء النفس وحدهم، أكد خاصية «الرمزية» لأن كل سلوك ثقافي هو سلوك رمزي، أي قائم على معاني مشتركة ومتبادلة بين أفراد المجتمع موضوع الدراسة.
هذه المدرسة تجمع بين الاهتمام بالسلوك والأعمال والاهتمام بالأفكار والعواطف والقيم والأهداف عند دراسة الثقافة. ظهر تأثير تلك المدرسة في أيامنا هذه إذ نجد ازدياد الاهتمام بدراسة الثقافة والشخصية معا بحيث لا يمكن فهم أحدهما دون الآخر، وتعرف تلك الدراسات باسم «الأنثروبولوجية النفسية». نجد العالم "سابير" يربط بين تحليلاته للثقافات ونظريات علم النفس العلاجي، ونلاحظ أن العالم "لينتون Leniton" يتخذ موقعا توفيقيا بين المناهج القديمة والحديثة وركز اهتمامه في اتجاه جديد هو موضوع «الثقافة والشخصية» الذي يمثل التعاون بين الأنثروبولوجيا الثقافية وعلم النفس.
ومن التفرعات الجديدة الأخرى التي ظهرت في تلك الفترة التوسعية الاهتمام بموضوع «امتزاج الحضارات»، اهتم به كل من "ريدفيلد" و"لينتون" و"هيرسكوفيتز" وغيرهم. ويجب الإشارة أيضا إلى ظهور فرع الأنثروبولوجيا التطبيقية الذي يستخدم مفاهيم ونتائج الأنثروبولوجيا في المجالات العملية مثل الإدارات والهيئات الخاصة بتطوير قبائل الهنود الحمر بالأمريكيتين وقد سبق عرض بعض دراسات ذلك الفرع.
ومن الخصائص الأساسية لتلك الفترة التوسعية أنه رغم غزارة تلك التفرعات التي انبثقت عن الأنثروبولوجيا الثقافية لم تظهر دراسات ممتازة تتناول موضوع العلم الأساسي ولذلك لم يحدث تقدم واضح في مفاهيم ومناهج ومدارس الأنثروبولوجيا الثقافية.
4.2/ الأنثروبولوجيا الثقافية في الفترة المعاصرة «1940- 1970م».
تتميز تلك الفترة بظهور اتجاهات جديدة وبانتشار الأنثروبولوجيا الثقافية في الجامعات الأمريكية والأوروبية وكذلك في جامعات المجتمعات النامية بأفريقيا وآسيا وأمركا اللاتينية، ويجب ملاحظة أن اهتمام الجامعات الأفريقية يتركز حول الأنثروبولوجيا الاجتماعية نظرا لارتباطها بالجامعات الانجليزية التي لا تعترف تقريبا إلا بالأنثروبولوجيا الاجتماعية.
وتعد الدراسات على المستوى القومي من أهم الاتجاهات الحديثة في الأنثروبولوجيا الثقافية إذ انتشرت الدراسات الخاصة بالمجتمعات الحديثة الكبيرة بغرض تحديد خصائص ثقافتها على المستوى القومي، فنجد أبحاثا حول خصائص الثقافة الأمريكية أو الثقافة الألمانية أو الثقافة اليابانية أو الصينية، ومما ساعد على ظهور هذا الاتجاه فترة الحرب العالمية الثانية، فنجد العالمة الأمريكي "بنيديكت" تقوم بدراسة لتحديد معالم الثقافة اليابانية والمعروف أن اليابان كانت في حالة حرب مع أمريكا في ذلك الوقت، لذلك اعتمدت في تلك الدراسة على اليابانيين الموجودين في أمريكا بالإضافة إلى المراجع المكتبية.
ومن أهم الأبحاث الحديثة في الأنثروبولوجيا الثقافية الاتجاه التخصصي وهو اتجاه ذو جوانب متعددة، فقد يتخصص العالم في دراسة منطقة ثقافية محددة أو في دراسة ثقافية معينة بالذات أو في خصائص ومبادئ الأنثروبولوجيا الثقافية مثل المنهج وطرق البحث أو تسجيل تاريخ هذا العلم.
ترتب على انتشار الاتجاه التخصصي أن اتضحت الفروق بين الأنثروبولوجيا الثقافية والأنثروبولوجيا الاجتماعية وأصبحا فرعين مختلفين للأنثروبولوجيا.
ظهر في الفترة المعاصرة اتجاه حديث آخر وهو زيادة التعاون والتبادل على مستوى الأساتذة وطلبة الدراسات العليا المتخصصين في الأنثروبولوجيا بفرعيها الثقافي والاجتماعي. فأقامت بعض الجامعات الانجليزية والأمريكية محطات للدراسات الحقلية للأنثروبولوجيا بأفريقيا وآسيا. وبدأت بعض المؤسسات تشجع وتمول أبحاث الأنثروبولوجيا الحضارية مما ادى على ازدهار تلك الأبحاث.
3/ طرق البحث في الأنثروبولوجيا الثقافية.
1.3/ الملاحظة بالمشاركة.
ويقصد بها معايشة ومشاركة الباحث في الأنشطة الاجتماعية التي يمارسها أعضاء المجتمع قيد الدراسة، ومن خلال تلك المشاركة يتمكن من دراسة حيثيات ثقافتهم. وتعد هذه الطريقة من أهم طرق البحث الأنثروبولوجي وفي ذات الوقت من أصعبها، فأول مشكلة تقابل الباحث في هذا المجال – مشكلة الدور – الذي يجب أن يؤديه لكي يحصل على معلومات موضوعية، وتعود أهمية هذه المشكلة إلى أن تواجد الباحث في مجتمع أو قبيلة ما يدفع الأفراد موضوع الملاحظة إلى تغيير سلوكهم العادي أو إلى الإدلاء بأقوال لا تعبر عن الحقيقة وذلك لشعورهم بأنهم موضع ملاحظة للغير.
فمن خلال الدور الذي يتقمصه عللا الباحث أن يتكلم لغتهم وأن يستخدم في تفكيره نفس التصورات أو المفاهيم السائدة ويشعر بالقيم التي يعتنقونها، ويعمل معهم ويشاركهم طعامهم واحتفالاتهم وارتداء ملابسهم. وخلال فترة المعايشة على الباحث تدوين تقارير يومية عن كل ما يلاحظه، وعندما يتمكن من الإلمام بفكرة عامة عن أسلوب معيشة معينة يبدأ في التحليل والكشف عن عناصر الثقافة والتركيب البنائي للمجتمع حتى تصبح دراسته واضحة على مستوى التحليل العلمي.
ولكي تكون نتائج هذا المنهج موضوعية وناجحة، فقد وضع "إيفانس بريتشارد Evans Pritchard"عدة شروط لذلك أهمها:
لكي ينزل الباحث إلى ميدان المعايشة لابد أن يمر بمرحلة تخصص ودراسة نظرية كافية في الأنثروبولوجيا عامة والعلوم الاجتماعية خاصة علم الاجتماع.
على الباحث أن يقضي فترة كافية في الاشتراك مع أفراد المجتمع موضوع الدراسة في معيشتهم، وتحديد الفترة الكافية يرتبط بعوامل متعددة مثل حجم المجتمع وطبيعة المشكلة المراد دراستها، وعادة مالا تقل تلك الفترة عن عام.
أن يكون الباحث طوال فترة الملاحظة على صلة وثيقة بأهالي المجتمع المدروس من خلال مشاركتهم جوانب حياتهم الاجتماعية.
على الباحث أن يستخدم لغة المجتمع المدروس ولا يستخدم المترجم لأنه يفشل في نقل الأفكار والمعاني بدقة.
على الباحث أن يدرس المجتمع دراسة كلية في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية حتى وإن كان بحثه ينصب حول موضوع محدد بالتفصيل.
لابد من أن يتوفر في الباحث نوع معين من الشخصية والمزاج كي يتمكن من تكييف نفسه عقليا ونفسيا وجسميا مع ظروف المجتمع المدروس.
على الباحث أن يتخلى عن قيمه وثقافته بقدر الإمكان حتى يستطيع تحقيق الملاحظة الموضوعية.
يحتاج الباحث لمهارة أدبية في نقل، وصف وتحليل الثقافة المدروسة إلى لغة الباحث نفسه وهذا لا يعني أن يكون أديبا فحسب بل قادرا على التعبير بلغة واضحة وسليمة.
2.3/ طريقة المقابلة «الموجهة وغير الموجهة».
يستخدم الأنثروبولوجي خلال الدراسة الميدانية بالإضافة إلى طريقة المعايشة، طريقة المقابلة وتتمثل في مقابلة بعض أفراد المجتمع، واكتساب ثقتهم لكي يفتحوا له قلوبهم ولا يزيفون الحقائق. وفي المقابلة غير الموجهة، يوجه الباحث الأسئلة للمبحوثين ويتيح لهم فرصة الإجابة المطولة دون توجيه الإجابات وجهة معينة، وعلى الباحث أن يدون تلك الإجابات بطريقة لا تثير الشك سواء بالوسائل الحديثة أو تدوين ما يسمعه مباشرة بعد المقابلة حتى لا ينسى أهم عناصرها.
أما المقابلة الموجهة فتتمثل تلك الطريقة في استخدام استمارة تتكون من مجموعة من الأسئلة التي وضعت بدقة حول موضوع معين، وفي معظم الأحيان تشمل الاستمارة الإجابات المحتملة بحيث يمكن ملئها بسرعة وتفريغها في جداول، ولا تنجح المقابلة الموجهة إلا في المجتمعات المتمدنة لأنها في المجتمعات البدائية تثير شكوك الفرد لعد تعوده على هذه الطريقة الرسمية في الحديث وكذلك الإنسان البدائي في الغالب لا يعرف القراءة والكتابة.
3.3/ طريقة المقارنة.
لا يجب على الأنثروبولوجي أن يكتفي بوصف قطاعات الثقافة في المجتمع موضوع الدراسة بل عليه أن يعمل على تحليل المعلومات الوصفية ليس فقط لتحديد أنماط العلاقات الاجتماعية وإنما لفهم الثقافة ككل ويتم ذلك عن طريق الكشف عن الوظائف الاجتماعية التي تؤديها النظم الاجتماعية والكشف عن التأثيرات المتبادلة بين النظم الاجتماعية وباقي نظم الثقافة، وبعد أن يكشف الباحث الأنثروبولوجي عن طبيعة الثقافة والأنماط الاجتماعية الأساسية، يقارن تلك الظواهر الاجتماعية والثقافية بمثيلاتها في المجتمعات الأخرى. وكل دراسة جديدة لمجتمع ما تساعد على توسيع مجال المقارنة، ويجب عند المقارنة استخدام الدراسات الميدانية التي يقوم بها الأنثروبولوجيون المتخصصون، ولا يجب الاعتماد هنا على الدراسات الميدانية التي يقوم بها الرحالة ورجال الصحافة وغير المتخصصين.
4.3/ طريقتي «تاريخ حياة الفرد والاختبارات النفسية».
يستخدم الأنثروبولوجي أثناء الدراسة الميدانية طريقة تاريخ حياة الفرد وتتلخص في تدوين أهم الأحداث التي تمر في حياة بعض أفراد المجتمع موضوع الدراسة، حيث يقص على الباحث تاريخ حياته منذ الصغر حتى اللحظة التي يتحدث فيها، وتبادل الثقة بين الباحث والمبحوث هنا ضرورية لإضفاء الموضوعية على المعلومات المقدمة وكذلك لعدم الإخفاء المقصود لبعض المعلومات.
أما طريقة الاختبارات النفسية فتستخدم لتحديد خصائص شخصية أفراد المجتمع موضوع الدراسة ومن أمثلة تلك الاختبارات اختبار "رورشاخ Rorschach"، ويتكون ذلك الاختبار من عشر لوحات رسم على كل لوحة صورة مكبرة لنقطة حبر قذف بها على ورقة فاتخذت شكلا غير منتظما ويطلب من الشخص أن يصف ما يمكن أن يتصوره من أشكال عندما ينظر لكل لوحة وعلى أساس ما يقرره الشخص يمكن التوصل إلى تحديد بعض خصائص شخصيته، وكثيرا ما يستخدم الاختبارات النفسية انثربولوجيو الثقافة الذين يتخصصون في تحديد العلاقة بين الشخصية والثقافة في مجتمع ما.
قائمة المراجع
said26p- سوسيولوجي نشيط
- عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 17/11/2010
رد: الأنتروبولوجيا الثقافية
merci beaucoup
abdou-tin- سوسيولوجي فعال
- عدد المساهمات : 91
تاريخ الميلاد : 16/02/1975
تاريخ التسجيل : 13/12/2010
العمر : 49
رد: الأنتروبولوجيا الثقافية
merci bien
oumalaeddine- سوسيولوجي نشيط
- عدد المساهمات : 118
تاريخ الميلاد : 28/09/1982
تاريخ التسجيل : 04/01/2011
العمر : 42
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد يناير 31, 2021 2:44 pm من طرف YOUCEF
» سيغموند فرويد الشخصية السوية والشخصية الغير سوية
السبت سبتمبر 14, 2019 9:16 am من طرف امال
» بحث حول دراسات المؤسسة في علم الاجتماع
الثلاثاء ديسمبر 04, 2018 1:35 pm من طرف بيسان
» مكتبة علم الإجتماع الإلكترونية
الخميس أبريل 23, 2015 7:53 pm من طرف ahlam yamani
» سوسيولوجيا العالم العربي.. مواقف وفرضيات
الأحد مارس 08, 2015 9:13 am من طرف sami youssef
» نظرية بياجي في النمو أو نظرية النمو المعرفي
الأحد فبراير 22, 2015 2:31 am من طرف صباح
» معجم و مصطلحات علم الاجتماع
السبت فبراير 21, 2015 7:36 am من طرف holo
» النظريات السوسيولوجية
الخميس فبراير 19, 2015 8:05 am من طرف صباح
» مفهوم المدينة عند ماكس فيبر
الإثنين يناير 26, 2015 2:13 pm من طرف ♔ c breezy ♔