من طرف abou aimrane0834 الخميس سبتمبر 29, 2011 12:26 pm
أنثروبولوجيا Anthropologie
|
كلمة Anthropologie ليست منحدرة من اللغة اليونانية الكلاسيكية. صحيح أن أرسطو يستعمل الكلمة (أنثروبولوجس) لكن معناه عنده هو ((ثرثار، كثير الكلام عن الناس))، وعندما نجد الفعل عند فيلون وديدموس السكندري وأنسطاسيوس السيناوي والأريوفاغي وغيرهم من آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى، فإنهم يستعملونه بمعنى ((تشبيه الله بالإنسان)) واستمر هذا المعنى مستعملاً عند مالبرانش وليبنتس في القرن السابع عشر وأوائل الثامن عشر، إلى أن نافسه لفظ آخر بديل هو anthropomorphish فتوارى، بينما انتشر وساد هذا اللفظ الأخير، وإن كنا مع ذلك نجد اللفظ الأول لا يزال يرد ذكره بمعنى ((التشبيه)) عند اللاهوتيين في المعاجم، خصوصاً الفرنسية (لتريه، لالاند). ولهذا ينبغي أن ينتبه القارئ لكتب آباء الكنيسة والاسكلائيين وكثير من اللاهوتيين في العصر الحديث إلى أن كلمة ((انثروبولوجيا)) تعني: تشبيه الله بالإنسان. لكن بين القرن السادس عشر والثامن عشر تطور معنى الكلمة إلى معنى: ((علم النفس الإنسانية)) Pyschologia، كما نجد ذلك خصوصاً عند مَن كتبوا في الفلسفة من الألمان أمثال M.Hundt و O.Cassman و C. Buthelius وصارت تدل على عنوان علم فلسفي، لا يقتصر على البحث في النفس الإنسانية وحدها، بل يمتد إلى مسائل تتناول أحوال الجسم الإنساني، مثل: الجنس (ذكر وأنثى)، العمر، المزاج، الأخلاق، العرق، الخ. ومن هنا نجد Walch في سنة 1726 يقول إن ((الانثروبولوجيا هي العلم بالإنسان ... ويتألف من قسمين: فيزيائي ومعنوي)). ثم جاء كنت فعرّف الانثروبولوجيا بأنها ((مذهب في معرفة الإنسان مؤلف بشكل تنظيمي والانثروبولوجيا يمكن النظر إليها من الناحية الفسيولوجية، ومن الناحية العملية Pragmatisch. فمعرفة الانسان من الناحية الفسيولوجية تتناول البحث فيما صنعته الطبيعة بالإنسان، ومن الناحية العملية (البرجماتية) تتناول البحث فيما صنعه الإنسان بنفسه في نفسه بوصفه كائناً حراً أو ما يقدر أن يفعل أو ما ينبغي أن يفعله في نفسه)). وقد عنون كتابه باسم: ((الانثروبولوجيا من الناحية البرجماتية)). وفصوله تتناول: شعور الانسان بنفسه (الوعي) ـ الحواس في مقابل العقل ـ في قوة التخيل ـ في الذاكرة والتذكر ـ في ملكة المعرفة بوصفها تستند إلى العقل ـ في أمراض النفس وأنواع ضعفها ـ في المزاح (بالحاء المهملة). وفي القسم الثاني من الكتاب يتناول: الشعور باللذة والألم ـ الشعور بالجمال ـ التذوق الفني. وفي القسم الثالث يتناول العواطف والآلام ـ وفي النصف الثاني من الكتاب يبحث في الخصائص الانثروبولوجية فيتناول: خلق الشخص ـ الفطرة ـ المزاج ـ الخلق بوصفه لوناً من التفكير ـ الفراسة ـ أخلاق الجنس Geschlecht ـ أخلاق الشعب ـ أخلاق الأجناس العنصرية. ومن استعراض هذه الموضوعات يتبين أن الأنثروبولوجيا عند كنت علم يتناول مزيجاً من علم النفس وعلم الطباع Carachterologie وعلم الأجناس والشعوب. وجاء هيجل فهاجم هذه النظرة إلى الأنثروبولوجيا، لأنه رأى أن موضوعها هو ما سماه ((الروح الذاتية)) der subjective Geist وأدرجها في داخل فلسفة التاريخ. وفي مواجهة هذا يقرر دلتاي أن الأنثروبولوجيا ينبغي عليها أن تتخلص من فلسفة التاريخ، وألا تعود إلى النظر في الطبيعة الإنسانية، لأن هذه هي باستمرار، وعلى الأنثروبولوجيا أن تبحث عن ((الأنماط)) في الطبيعة الإنسانية بوجه عام. ومن هنا نرى في القرن العشرين صراعاً بين فلسفية التاريخ وبين الأنثروبولوجيا الفلسية، فالآخذون بالأولى ينكرون الثانية. نجد ذلك عند هيدجر في كتابه عن ((كنت والميتافيزيقا)): غذ يهاجم فكرة الأنثروبولوجيا الفلسفية. ويقول في موضع "خر: ((إن الفلسفة، حين تصير أنثروبولوجيا تنهار)). كذلك ـ وفي الطرف المضاد من ذلك ـ يهاجمها لوكاش Lukacs الماركسي، فيتحدث عن ((الخطر العظيم الذي تؤدي إليه كل وجهة نظر أنثروبولوجية)) ويقر أن ((تحويل الفلسفة إلى أنثروبولوجيا قد حجر الإنسان إلى موضوع، وبهذا ألقى بالديالكتيك والتاريخ جانباً)). لقد رأى هيدجر أن الانثروبولوجيا كما عرفها كنت تشمل النظر في أحوال الإنسان البدنية والبيولوجية والنفسية، وهي بذلك: علم نفس، وتحليل نفسي، وعلم أجناس، وعلم نفس تربوي، ومورفولوجيا الحضارات وعلم أنماط النظرات في العالم ـ في وقت واحد معاً ـ . وهذا أمر غير مقبول سواء من حيث المضمون، ومن حيث وضع المسائل، والتأسيس، والغرض من العرض وشكل التعبير. ولن يؤدي مثل هذا النظر الشامل إلا إلى التشويش والفوضى ... والانثروبولوجيا لم تعد منذ زمان طويل مجرد عنوان على علم، بل تدل على موقف أساسي للإنسان تجاه ذاته وتجاه الموجود كله. إن الانثروبولوجيا لا تبحث في الانسان فقط، بل تسعى اليوم إلى تحديد ما هي الحقيقة بوجه عام. إنه لم يوجد عصر عرف عن الإنسان مثلما عرف عصرنا. لكن لا يوجد عصر لم يعرف ما الإنسان مثل عصرنا الحاضر. ولم يصبح الإنسان موضوع التساؤل بالقدر الذي صار به في عصرنا الحالي. لكن ألا يمكن بذل الجهود لتكوين انثروبولوجيا فلسفية حقة؟ إن ماكس شيلر ـ هكذا يقول هيدجر ـ قد تكلم عن هذه الانثروبولوجيا الفلسفية قال: ((يمكن أن يقال أن كل المشاكل المركزية في الفلسفة يمكن أن ترد إلى مسألة: مَن الإنسان؟ وما مكانته الميتافيزيقية داخل حدود كل الوجود، والعالم، والله)). لكن شيلر أدرك بثاقب نظره أنه لا يمكن إدراج الإنسان تحت تعريف مشترك ((ذلك أن الإنسان هو من السعة والتنوع والتعدد بحيث يعجز أي تعريف عن النوفاء بتحديده، إن له غايات متعددة جداً)). وينتهي هيدجر إلى القول بأن من الممكن مع ذلك، وضع انثروبولوجيا فلسفية من حيث إن منهجها فلسفي، ويكون موضوها هو وضع نظرة في ماهية الإنسان، وتريغ إلى تمييز وجود الإنسان من وجود النبات والحيوان وسائر مناطق الوجد. وعلى هذا النحو تصبح الانثروبولوجيا الفلسفية انطولوجيا إقليمية تتعلق بالإنسان، إلى جانب سائر الانطولوجيات التي تتناول ميدان الموجود. ـ كذلك يمكن الانثروولوجيا أن تكون فلسفية إذا جعلت موضوعها ((تحديد مكانة الإنسان في الكول)). ------------------------ * المعجم الفلسفي
|
|
|
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
الأحد يناير 31, 2021 2:44 pm من طرف YOUCEF
» سيغموند فرويد الشخصية السوية والشخصية الغير سوية
السبت سبتمبر 14, 2019 9:16 am من طرف امال
» بحث حول دراسات المؤسسة في علم الاجتماع
الثلاثاء ديسمبر 04, 2018 1:35 pm من طرف بيسان
» مكتبة علم الإجتماع الإلكترونية
الخميس أبريل 23, 2015 7:53 pm من طرف ahlam yamani
» سوسيولوجيا العالم العربي.. مواقف وفرضيات
الأحد مارس 08, 2015 9:13 am من طرف sami youssef
» نظرية بياجي في النمو أو نظرية النمو المعرفي
الأحد فبراير 22, 2015 2:31 am من طرف صباح
» معجم و مصطلحات علم الاجتماع
السبت فبراير 21, 2015 7:36 am من طرف holo
» النظريات السوسيولوجية
الخميس فبراير 19, 2015 8:05 am من طرف صباح
» مفهوم المدينة عند ماكس فيبر
الإثنين يناير 26, 2015 2:13 pm من طرف ♔ c breezy ♔